قال رحمه الله:[ويسن الحنث في اليمين إذا كان خيراً] اليمين قد يُندب له برها ويكره له الحنث فيها، وقد يجب عليه البر ويحرم عليه الحنث، وقد يستحب له البر ويندب له الحنث، وقد يحرم عليه البر ويجب عليه الحنث، هذه أحوال لليمين، وهي: الحالة الأولى: يجب عليه البر ويحرم عليه الحنث في يمينه، كما لو قال: والله لأصلين مع الجماعة، وهو ممن تجب عليه صلاة الجماعة، فيجب عليه أن يبر ويحرم عليه أن يحنث؛ لأن هذا واجب بأصل الشرع.
أو تقول له أمه: افعل كذا وأمرته به فقال: والله أفعل.
فحينئذٍ يجب عليه البر ويحرم عليه الحنث؛ لأن طاعة أمه واجب مؤكد.
الحالة الثانية: يحرم عليه البر ويجب عليه الحنث، كما لو أقسم أنه لا يصلي صلاة الظهر، فهذا لا يجوز؛ لأنه حلف على ترك واجب، أو حلف على فعل محرم، كأن يقول: والله لأشربن الخمر -والعياذ بالله! - فيجب عليه الحنث ويحرم عليه البر.
الحالة الثالثة: يندب له الحنث ويكره له البر، كما لو حلف على أن لا يصوم الأيام البيض وقال: والله لا أصوم الأيام البيض من هذا الشهر.
فيندب له أن يحنث ويكفر في يمينه ويصوم الأيام البيض، ويكره له أن يمضي في يمينه ويفوت على نفسه الخير.
الحالة الرابعة: يندب له البر ويكره له الحنث، كما لو قال: والله لأصومن الخميس والإثنين.
فيندب له أن يصوم وأن يبر، ويكره له أن يفوت على نفسه الخير.
هذه أحوال اليمين.
إذاً الإنسان إذا رأى شيئاً أفضل مما حلف عليه فالأفضل له أن يكفر، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:(إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) وهذا يستثنى من الأصل من حفظ اليمين والبر فيها، فإن المسلم إذا مثلاً: والله لا أكلم فلاناً اليوم -وهو يجوز له أن يهجر أخاه المسلم دون الثلاث- فرأى أن الخير أن يكلمه، كأن يأمره بالمعروف أو ينهاه عن المنكر، أو وجدت مصلحة أخرى، أو قال: والله لا أزور فلاناً اليوم، ورأى من المصلحة أن يزوره، أو توفي أحد أو مرض أو جاء سبب يندب إلى الإتيان، فنقول له: الأفضل أن تكفر عن يمينك وتأتي الذي هو خير.