إذا أقيمت الصلاة فتوضأت بسرعة شديدة، فهل وضوئي صحيح؟
الجواب
إذا توضأت وضوءاً شرعياً تاماً كاملاً فهو وضوء صحيح، لكن مسألة الإسراع في الوضوء لا شك أنها جائزة، فيجوز للشخص في الحالات الضرورية أن يستعجل.
ولذلك ثبت عن أسامة رضي الله عنه أنه ذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام لما دفع من عرفات إلى مزدلفة أنه توضأ وضوءاً خفيفاً، وخفة الوضوء تشمل الوقت وتشمل الحال؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يسبغ الوضوء ويتأنى في وضوئه.
لكنه لما كان وراءه مائة ألف نفس وكلهم ينتظرون خروجه عليه الصلاة والسلام تعجل، ومن حكمة الشريعة أن العبد الصالح يكون في صلاحه، لكن إذا رأى ما هو آكد وأهم قدمه وتعجل، فمثلاً: والدك يحتاجك في شيء، وأنت تريد أن تتوضأ وضوءاً لنافلة، أو تحب أن تكون على طهارة فلا شك أن بر الوالد آكد من الوضوء، فتخفف في وضوئك حتى تدرك فضيلة الوضوء وفضيلة بر الوالدين، أو فضيلة الصلاة.
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح:(إذا دخل الرجل يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما) قالوا: لأن العلم أفضل من العبادة.
وهذا يدل على فضل العلم؛ لأنه عندما يجلس ينصت للخطبة يصيب علماً، والعلم أفضل من العبادة، وعندما يصلي يصلي لنفسه، لكن ربما يصيب علماً ينتفع به وينفع به غيره، ويصلح ويصلح به غيره، ويهتدي ويهدي به غيره بإذن الله عز وجل.
ومن هنا إذا دخل -مثلاً- المحاضر، أو دخل الشيخ لدرسه وأراد أن يصلي تحية المسجد أو نافلة فالأولى أن يتجوز فيها؛ لأن هناك ما هو أفضل وأكمل وأعظم أجراً وهو نفع الناس؛ لأن العلم أفضل وأعظم، فإذا أردت أن تتوضأ وضوءاً خفيفاً، أو تستعجل في الوضوء فتنبه لإتمام أعضاء الوضوء.
فالمهم أن تكون الأعضاء التي أمرك الله بغسلها أو أمرك بالمسح عليها قد نالت حقها وحظها من ذلك الوضوء الذي أمرت به، فإن فعلت ذلك بسرعة أو بأناة فالأمر في ذلك سيان، إلا أن الأناة أمكن وأكثر ضبطاً.