قوله:[بلا أم] الصفة السادسة: بلا أم، وعند النظر لم يثبُت حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بيَّن استحباب أن تكون المرأة بلا أم، ولذلك تصدير المصنف للجملة بقوله:(يُسَنُّ)، ثم ذكر هذه الصفة السادسة: بلا أم، محل نظر، ومسألة وجود الأم وعدمها ليس فيها نص شرعي معين، الأم تارةً يكون وجودها حسنة، وفيه خير كثير على المرأة، إذ تثبت ابنتها وتؤدبها وتدلها على ما فيه صلاح دينها ودنياها، وتارةً تكون الأم على خلاف ذلك، والناس فيهم الصالح وفيهم من هو بخلاف ذلك، نسأل الله السلامة والعافية، والخير والشر أمر نسبي، ويختلف الناس فيه بحسب وجود الأسباب التي تبعث عليه، فالعلماء حينما قالوا: يُفَضَّل نكاحُ المرأة التي لا أم لها فإنما هو من جهة دفع ضرر التخذيل، فإن الأم ربما غارت لانقطاع ابنتها عنها، وربما أفسدت البنت على زوجها.
وأيّاً مَّا كان فهذا أمر يختلف باختلاف الأحوال وباختلاف البيئات، والرجل ينظر الأحظ لنفسه، وقد تكون الأم موجودة والمرأة صالحة، فلا ينبغي ترك الصالحات لمثل هذه الأسباب المحتملة، وقد قرر الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله في كتابه النفيس:(قواعد الأحكام) مسألة تعارض المفاسد بعضها مع بعض، وتعارض المصالح مع المفاسد، وقرر في أكثر من موضع أن هذا أمر يختلف باختلاف الأحوال والبيئات والأشخاص والأزمنة، ومن هنا يُتْرَك النظر إلى الإنسان، فإذا عَلِم أن الأم تفسد الزوجة من خلال أخواتها اللاتي سبق نكاحهن وغلب على ظنه أنه لا يستطيع أن يمنعها من ذلك، فإنه حينئذٍ يحتاط لأمره والعكس بالعكس، لكن ليس في ذلك نص معين كما يفهم من قوله رحمه الله:(يسن).