الذي ورد أن الله تعالى قال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:١٠٣]، (وصل) بمعنى: ادع، ومنه قول الشاعر: تقول بنتي وقد قرّبت مرتحلاً يا رب جنِّب أبي الأوصاب والوجعا فدعت لأبيها فقال: عليكِ مثل الذي صليت فاغتمضي عيناً فإن لجنب المرء مضطجعا فقوله: (عليك مثل الذي صلّيت) أي: دعوتِ.
فالصلاة في اللغة هي: الدعاء، فلما قال الله جل وعلا:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:١٠٣]، أي: ادع لهم، وهذه هي السنة أن الإمام ومن يقوم مقامه كالسعاة الذين يأخذون الزكاة من الناس، يُسن لهم إذا أخذوا الزكاة أن يدعوا للمتصدق: أن يبارك الله له في ماله، وأن يبارك له فيما آتاه، وأن يقولوا له القول الحسن الذي يحمله على محبة الخير والزيادة منه، وهذا مقصود شرعاً، وورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال كما في الصحيح:(اللهم صلِّ على آل أبي أوفى)، قال بعض العلماء: أي: ارحمهم؛ لأن الصلاة تُطلق بمعنى الرحمة، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب:٥٦]، فصلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم هي الرحمة، وقيل:(صلِّ) أي: بارك لهم فيما أعطيتهم من المال والخير، وهذه نعمة عظيمة؛ لأنه ليس المهم أن يكون عند الإنسان مال، ولكن الأهم أن يبارك الله له في هذا المال، ولذلك يدعو له بالبركة، ويقول: اللهم بارك لفلان، والأفضل أن يشمله وأهله بالدعاء، فيقول: اللهم بارك لآل فلان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اللهم صلِّ على آل أبي أوفى).
وأما بالنسبة لمن يعطيها فقد جاء في حديث أبي هريرة أنه يقول:(اللهم اجعلها مغنماً ولا تجعلها مغرماً)، وهذا حديث ضعيف تكلم العلماء في سنده، والصحيح: أنه ليس هناك تقيد أو إلزام بذكر معين، والأمر واسع؛ لأن القاعدة:(أن ما أطلقه الشرع من الأذكار يبقى مطلقاً حتى يرد التقييد) ولم يرد تقييد في هذا بدليل ثابت في الكتاب والسنة، فبقي المطلق على إطلاقه.