إذا كانت سراية الجناية بسبب تفريط المجني عليه، فما الحكم؟
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فهذا السؤال له جانبان: الجانب الأول: أن تكون السراية بسبب إهمال الطبيب، أو خطأ الطبيب، كشخص قطع أصبع أخيه، فجاء الطبيب ليعالجه، فلم يعالج أصبعه بالطريقة المعتبرة عند الأطباء، وأهمل مداواة الجرح حتى تلوث الجرح وتسمم، وسقطت يده، أو مات، فحينئذٍ إذا كان الموت بسبب هذه السراية وهذا الضرر فالضامن هو الطبيب، وليس الجاني؛ لأن الموت ما جاء من الجناية، وإنما جاء من العلاج، فإذا كان بالدواء الذي وضعه الطبيب، أو أهمل فيه، حتى حصل الضرر، فإن الطبيب يتحمل المسئولية؛ لأن الإهمال والتقصير من أسباب ضمان الأطباء، والطبيب يضمن إذا تعدى، ويضمن إذا أهمل وقصر في تتبع الأمور المتبعة عند الأطباء.
الجانب الثاني: أن يكون الإهمال من نفس المريض، كما لو كان المفروض عليه أن يذهب إلى الطبيب ليعالجه، فامتنع حتى تسمم الجرح وتلف، فإنه ضامن لنفسه، ولا يتحمل الضمان الطبيب ولا الجاني، فالجرح تعتبر سرايته إن كانت بسبب الجناية، فالطبيب بذل ما في وسعه، ولكن المرض استفحل والداء استشرى، فحينئذ يضمن الجاني، أما إذا كان بإهمال الطبيب، أو بإهمال المريض، فكلٌ يتحمل مسئوليته:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:١٦٤]، فالجاني تقدر جنايته ويضمن، والطبيب يقدر إهماله وإخلاله فيضمن، وإذا كان التقصير من المجني عليه فلا إشكال؛ لأنه يتحمل مسئولية نفسه.