قال رحمه الله:[ويثبت الخيار للخلف في الصفة، ولتغير ما تقدمت رؤيته]: هذه المسألة يقصد منها إثبات خيار الصفة، فيثبت الخيار لاختلاف الصفة، وهذا النوع الأخير يسمى خيار الاختلاف في الصفة، وبعض العلماء يسميه خيار الصفة، وهو أنسب.
وخيار الصفة يقع في نوع خاص من البيوع، وهو الذي يسمى ببيع الغائب.
وبيع الغائب: كأن تأتي إلى رجل ويقول لك: عندي أرض، أو عندي سيارة، أو عندي طعام، وهذه الأشياء غير موجودة في مجلس العقد، ومعنى ذلك أن البيع سيقوم بينك وبينه على الصفة، وأصح أقوال العلماء: أنه يصح بيع الغائب، وهو مذهب الجمهور من حيث الجملة.
فإنه قد وقع بين عثمان وطلحة رضي الله عن الجميع، ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة.
فإذا باعك رجل شيئاً غائباً -كما يقع الآن في بيع المخططات- ووصفه لك بوصف معين، فيكون لك الخيار عند الرؤية فتنظر في هذا المبيع، فإن طابقت الصفة المبيع، لزمك البيع وإن اختلفت فأنت بالخيار بين الإمضاء وبين الإلغاء.
إذاً: صورة المسألة تقع في بيع الغائب عند من يقول بصحة بيع الغائب، ولذلك فالذين لا يرون صحة بيع الغائب لا يقع عندهم خيار بيع الصفة، وهم الشافعية رحمهم الله ومن وافقهم.
ويخالف الحنفية فيقولون: لك الخيار مطلقاً سواء اتفقت الصفة أو لم تتفق، وهذا ضعيف، والصحيح مذهب المالكية والحنابلة، أنه يلزمك البيع إن طابقت الصفة المبيع، ولا خيار لك.
لكن لو جئت فوجدت الصفة مختلفة، فلك الخيار، إن شئت رضيت بالموجود، وإن شئت أبطلت البيع ورددت الثمن.