أي: يأمر القاضي أن يتقي الله عز وجل؛ لأن أساس الأمور وصلاحها كلها في تقوى الله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً أو بعث سرية أمر وأوصى الأمير في خاصته ومن معه بتقوى الله عز وجل، فهي أساس ومنبع كل خير وبر.
قال رحمه الله:[وأن يتحرى العدل وأن يجتهد في إقامته].
أي: يوصيه أن يتحرى العدل حتى يعذر إلى الله عز وجل، ويقول: إني وليتك هذا الأمر فاتق الله واعدل؛ لأن الحكم قوامه العدل فالقوي ضعيف عندك حتى تأخذ الحق منه، والضعيف قوي حتى ترد الحق إليه، وأن لا تأخذك في الله لومة لائم، وأن تتذكر معونة الله لك، وتأييد الله لك، وأنه لا يزال لك من الله نصير وظهير ما دمت تطلب الحق وتنشده؛ لأن القاضي إذا طلب الحق وتجرد للحق لا يزال معه من الله معين وظهير، ما لم تخن خائنة في قلبه والعياذ بالله {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[الصف:٥]، نسأل الله بعزته وجلاله ألا يزيغ قلوبنا.
قال رحمه الله:[فيقول: وليتك الحكم أو قلدتك ونحوه ويكاتبه في البعد].
الأولى صيغة قولية، يقول له: وليتك قلدتك هذه من الصيغ التي يوجهها الإمام العام -ولي الأمر- لمن يوليه القضاء؛ لأن القاضي نائب عنه منفذ بالشرع بالأحكام له نيابة عن الإمام وما دام أن القاضي نائب عن الإمام، فلابد أن تكون هناك وكالة شرعية تكون باللفظ الصريح: وليتك قلدتك نصبتك، ونحو ذلك، أو أنت قاضي كذا.
أو يكتب إليه ويصدر أمراً بتعيينه ونحو ذلك، فهذا يقوم مقام اللفظ.