للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ما يتفق فيه الرجل مع المرأة من أحكام الجمعة وما يختلفان فيه]

السؤال

هل يجب على المرأة إذا حضرت الجمعة ما يجب على الرجل من الغسل، والصمت عند حضورها، وعدم مس الحصى ونحوها مما يبطل الجمعة؟

الجواب

تشارك المرأة الرجل في عدم جواز الكلام أثناء الخطبة، وكذلك يحكم بكونها لاغية إن تكلمت أو مست الحصى، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (من مس الحصى فقد لغى)، والقاعدة في الأصول أن (مَنْ) من صيغ العموم، ولذلك يقولون: إن قوله صلى الله عليه وسلم: (من مس الحصى فقد لغى) محمول على العموم، وعلى هذا فإن المرأة لو كانت في المسجد فعبثت أو تكلمت فإنها لاغية، ويحكم عليها بما يحكم على الرجل.

وأما اغتسالها للجمعة فقد قال به بعض العلماء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم)، فقالوا: إن (كل) من ألفاظ العموم.

ولذلك يقولون: إنه يجب عليها أن تغتسل حتى إن بعضهم يقول: تغتسل المرأة ولو لم تشهد الجمعة.

وإن كان الصحيح أن الغسل واجب على من شهد الجمعة؛ لأن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الترمذي يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالغسل من أجل الشهود، فقد قالت: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّال أنفسهم -أي: يقومون على أمورهم بأنفسهم-، وكانوا يغشون المسجد من العالية، وكانت الأرض أرض زرع، فعلت المسجد منهم زهومة، فأمروا أن يغتسلوا.

فدل على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل ليوم الجمعة إنما هو من أجل النتن، وذلك أن الناس إذا اجتمعوا ربما تضرروا بالرائحة الكريهة، حتى إن بعض العلماء يقول: كل صلاة شرع لها الاجتماع ينبغي أن يتنظف لها الإنسان ويتطيب حتى لا يؤذي الناس، ولذلك أمر بالتطيب صلوات الله وسلامه عليه.

وبعض مشايخنا رحمة الله عليهم يقول: إن المرأة إذا شهدت الجمعة فإنها تغتسل -أي: تتنظف- ولكن لا تتطيب كالرجل؛ لأن الطيب ورد للرجال دون النساء، وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (مس من طيب امرأته)، وفي رواية: (مس من طيب أهله) كما في الصحيح، فقالوا: إن هذا يدل على أنه للرجال دون النساء، خاصة أنه قد قال صلى الله عليه وسلم:: (أيما امرأة مرت بقوم فوجدوا ريحها أو طيبها فهي زانية) قالوا: هذا يؤكد أنها لا تتطيب.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>