[حكم قول:(رب اغفر لي ولوالدي) في الجلوس بين السجدتين]
السؤال
ما حكم قول:(ربي اغفر لي ولوالدي) في الجلسة بين السجدتين؟
الجواب
ما أحسنه وأجمله وأعظمه براً للوالدين وإحساناً لهما، والأئمة والعلماء نصوا وذكروا أنه مما يستحب للابن: أن يدعو لوالديه في صلاته، وإن تعذر في حق النبي صلى الله عليه وسلم لمعنىً؛ لأنه منع من الاستغفار لوالديه فلا تمتنع سائر الأمة من ذلك، والإنسان مأمور أن يشرك والديه في الاستغفار، وأما تبديع من قال بين السجدتين: ربي اغفر لي ولوالدي، فإني لم أجد أحداً من أهل العلم مع التتبع والتقصي نص على هذا التبديع أبداً، والله عز وجل أمر بالدعاء للوالدين، لكن إذا ألزم وقال: يجب أن يدعو لوالديه، نقول: هذا ليس له أصل، أما التبديع لمُطْلَق الدعاء للوالدين فإنني لا أعرف أحداً من أهل العلم يقول هذا، وقد كان الأئمة -رحمهم الله- من السلف يقولون في قوله تعالى:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}[النمل:١٩] يؤخذ من هذه الآية: الاستحباب للولد أن يشرك والديه بالدعاءفي صلاته، وأن هذا من أعظم البر؛ لأن الله تعالى أمر بالاستغفار والترحم على الوالدين، وجعل هذا من البر حتى بعد وفاتهما كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله! هل بقي من بري لوالدي شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما) ولا شك أن الصلاة التي هي الدعاء عليهما والاستغفار للوالدين أرجى ما تكون إذا كانت في الصلاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل:(أي الدعاء أسمع، قال: أدبار الصلوات المكتوبات) فجعل الصلاة محلاً لاستجابة الدعاء، فإذا دعا لوالديه بين السجدتين، أو في السجود، أو في التشهد، امتثالاً لأمر الله عز وجل ببرهما والإحسان إليهما فقد أحسن، وأسأل الله العظيم أن يعظم أجره ومثوبته إذ لم ينس والديه في هذه المواطن الشريفة التي ترجى فيها الإجابة، وأما إذا اعتقد وجوب هذه اللفظة ولزومها بين السجدتين فهذا ليس له أصل، والإلزام بدعاء مخصوص في موضع مخصوص خاصة في العبادات يفتقر إلى دليل ونص، أما إذا كان مندرجاً تحت أصلٍ عام فلا غبار عليه، وأما أنه امتنع في حقه عليه الصلاة والسلام فلا يمتنع في حق غيره، وقد دلت النصوص على الحث عليه والأمر به، فلا مانع أن يكون بين السجدتين، أو يكون في السجود، أو يكون في الدعاء بعد التشهد، والله تعالى أعلم.