للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كيفية قضاء من فاتته ركعة من صلاة الاستسقاء]

السؤال

كيف يقضي صلاة الاستسقاء من فاتته ركعة منها، هل يقضيها سبع تكبيرات أم خمس؟

الجواب

هذه المسألة مفرعة على مسألة أخرى في القضاء وهي: إذا فاتتك بعض الركعات فهل صلاتك ما بقي مع الإمام هي الأولى، أو هي الأخيرة؟ فهناك مذهبان هما أصل هذه المسألة تفرّع عنهما مذهب الجمع، وهو المذهب الثالث الذي يلفق بين المذهبين.

فمن العلماء من يقول: الذي أدركته مع الإمام هو صلاتك الأولى.

وبناءً على ذلك فإذا سلم الإمام فإنك تضيف ما فاتك من الركعات وتعتبره آخر صلاتك، وهذا المذهب يحتج بحديث أبي هريرة في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، فهذا يدل على أنك تبني على صلاة الإمام، ولا تقضي ما فاتك.

ومن العلماء من يقول: صلاتك مع الإمام هي الأخيرة.

وبناءً على ذلك فإذا قمت فإنك تقضي ولا تبني، وتعيد الركعات التي فاتتك.

وهناك مذهب ثالث يلفق بين المذهبين فيقول: يبني في الأفعال ويقضي في الأقوال، جمعاً بين رواية: (فاقضوا)، ورواية: (فأتموا).

وأصح هذه الأقوال وأقواها أنه يتم ويبني، ولا يقضي، ولا يجمع بين البناء والقضاء، وذلك لما يلي: أولاً: لأن الرواية الصحيحة عن أبي هريرة أقوى ما رويت به رواية الإئتمام، أي: (وما فاتكم فأتموا)، فأصحاب الزهري رحمه الله الذين رووا: (فأتموا) أقوى من الذين رووا: (فاقضوا)، فالسفيانان يقدمان على غيرهما عند التعارض.

ثانياً: أن روية: (فأتموا) لا تعارضها رواية: (فاقضوا)؛ لأن القضاء يستعمل بمعنى الإتمام، ومنه قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} [الجمعة:١٠] أي: تمت.

وقوله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة:٢٠٠] أي: أتممتموها.

والقاعدة في الأصول أنه إذا تعارض نص مع نص، وكان أحدهما يتضمن المعنى الذي لا يعارض من كل وجه بحيث يمكن صرفه إلى معنى يتفق مع الوجه الثاني فإنه ينبغي صرف النص المخالف إلى المعنى الذي يوافق به النص الآخر.

فنقول: رواية: (فاقضوا) المراد بها رواية: (فأتموا)؛ لأن القضاء يستعمل بمعنى الإتمام، فترجح قول من يقول: إنه يتم ولا يقضي سنداً ومتناً، سنداً لأنها رواية أقوى، ومتناً لأن معنى الإتمام أقوى في الدلالة من معنى القضاء، فالقضاء يستعمل بمعنى الإتمام، فدخل تحت الإتمام ولم يقو على معارضته.

ويتفرع على هذه المسألة ما لو كنت قد أدركت ركعة في صلاة الاستسقاء فعلى القول بالقضاء تقوم فتكبر سبع تكبيرات في الركعة الثانية التي ستقضيها، وعلى القول بالبناء تكبر خمس تكبيرات؟ والصحيح أنك تكبر خمس تكبيرات على ظاهر السنة التي ذكرناها.

والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>