قال رحمه الله تعالى:[ومن سقطت عنه لعذر وجبت عليه إذا حضرها وانعقدت به].
من مرض مرضاً يعذر به في عدم شهود الجمعة فتحامل على نفسه واحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى حتى جاء ودخل المسجد، فحينئذٍ تجب عليه وتنعقد به وتصح إمامته للناس، فلو أن الإمام مرض فقوى الله سبحانه وتعالى نفسه وعزيمته فقال: أحتسب الأجر عند الله تعالى، وصلى بالناس صحت جمعته وأجزأته وانعقدت به، وعلى هذا فالمريض ممن لا تلزمه الجمعة، وتصح منه وتنعقد به، لا تلزمه الجمعة ولكن تصح منه إن حضرها وتنعقد به.
والعذر بالمرض يشمل المريض والممرض للمريض، فإن الممرض للمريض يعتبر معذوراً، فلو أذن المؤذن للجمعة وكان المكلف قائماً على مريضٍ عنده كوالده أو زوجته أو ابنته أو ابنه، وخشي عليه الضرر وتفاقم المرض، أو كان يحتاج إلى حمله للإسعاف ونحو ذلك، فله أن يجلس مع هذا المريض، ويعذر بترك الجمعة إذا خاف عليه.
وإذا كان المريض يحتاج إليه لسقي دواء وفعل علاج ونحو ذلك من الأمور التي يحتاج إليها المريض، فإن الشرع يرخص لمثل هذا، ويدل على ذلك ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه لما سمع الصارخ على ابن عمه وهو خارج إلى الجمعة ترك الجمعة وعاد إليه، فقام عليه حتى غسل وكفن ثم صلى عليه رضي الله عنه وأرضاه، وعلى هذا فإن الممرض في حكم المريض، ويقال في الممرض مثلما يقال في المريض، فلا تلزمه الجمعة، ولكن إن حضرها انعقدت به وصحت، وأجزأت إمامته لو صلى بالناس.
ومن المعذورين أيضاً من كان بينه وبين الجمعة وحل شديد ومطر، ولو خرج إلى الجمعة في شدة المطر الذي يعذر به وشهد الجمعة صحت جمعته، فيقولون: لا تلزمه، وتصح منه، وتنعقد به.