أحياناً يرى الجار ما يريبه في بيت جاره، فهل له أن يخبر جاره أم الأفضل أن يسكت؟
الجواب
لابد أن يؤخذ في الاعتبار فقه الفتوى فليس كل سؤال يجاب عنه، فما هي هذه الأمور المريبة؟ وما هي الضوابط المحددة التي يمكن أن يعرف فيها أن التهمة قوية أو ضعيفة؟ فصعب جداً أن تضع ضابطاً من الشريعة، فالشريعة لم تضع ضابطاً معيناً للمتردد على البيت أو أحوال البيوت بحيث يحكم أن هناك تهماً قوية أو ضعيفة؛ لكن المنبغي على أهل العلم وأهل الفتوى أن يجيبوا في مثل هذا على كل سؤال بعينه، فالشخص الذي يرى شيئاً من ذلك عليه أن يتصل بعالم، فينبغي عليه أول شيء أن يرجع إلى العلماء، وإذا سئل العالم ودرس الموضوع فيستطيع أن يحكم على هذا الأمر، فقد تقع أمور مريبة منها ما يمكن التحقق فيه، ومنها ما لا يمكن التحقق فيه، فما يمكن التحقق فيه مثل أن تكون المرأة من الأقرباء بحيث يستطيع أن يتصل عليها ويسألها: من هذا الذي يدخل البيت؟ فقالت: هذا عامل يأتي ويفعل كذا وكذا، ويعلم سبب الدخول على المرأة، ويجد أن الأمر ليس فيه أي ريبة، ولا يمكنه قطع الشك باليقين، وفي بعض الأحيان يستطيع أن يتأكد هو بنفسه، مثل أن يرى الشيء ويسهل الاطلاع عليه دون أن يسألها ودون أن يتحرى من الغير، فهذه الأمور ينبغي على العالم حينما يأتيه السائل أن يسأله: ما الذي رآه؟ وما حدود التهمة فيما رآه؟ ثم النساء يختلفن؛ فمن النساء من يعرف لهن قدم سابقة في الخير والصلاح والبر والبراءة والغفلة والبعد عن الحرام، وبعض الأحيان لا يخشى من المرأة لكن يخشى من الرجل نفسه، فالفساد في الرجل أكثر من المرأة، وفي بعض الأحيان العكس، فتكون المرأة فاسدة والرجل دين صالح، يدعى لعمل أو أمر ما والزوجة متساهلة، فهناك أمور تحتاج إلى دراسة، فمن فقه الفتوى أن الأمور التي تحتاج إلى نظر لا يفتى فيها بالقواعد العامة؛ لأن الناس حتى طلاب العلم تختلف أفهامهم، فلو أعطيت فيها قواعد عامة لفسرها كل شخص على حدود فهمه، وهذا يسمى بفقه الفتوى، فعلى العلماء وطلاب العلم والخطباء أن يوجهوا الناس، ولا يضعوا في مثل هذه الأمور قواعد عامة، فالذي نعرفه عن أئمتنا ومشايخنا رحمةُ الله عليهم أنها تُبحث كل مسألة على حدة، فإذا نظر فيها العالم أو الشيخ واستطاع أن يستبين وأن يتأكد من الأمر، فإن كان الأفضل الستر أمر به، وإذا رأى أن مثله لا يسكت عليه بل ينبغي عليه أن يطلع الزوج أمره فليخبر زوجها، وبعض الأحيان يكون الأسلم أن يخبر قرابتها ولا يخبر الزوج، حيث يكون في قرابتها من هو أعقل ومن هو أتقى لله عز وجل وأكثر محافظة من الزوج، وبعض الأحيان يكون ولدها أكثر صيانةً لها وأكثر محافظة فيطلعه على الأمر، فكل هذه مسائل ينبغي أن ينظر فيها على حدة، ويعطى فيها الجواب بحسب أحوالها، والله تعالى أعلم.