للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم دفع الزكاة من الزوجة للزوج]

قال المصنف رحمه الله: [وزوج].

أي: ولا إلى زوج أي: ولا يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها لزوجها، وهذا إذا وجد في الزوج ما يدل على حاجته وفقره ومسكنته، وهذه المسألة للعلماء رحمة الله عليهم فيها وجهان: بعض العلماء يقول: يجوز دفع زكاة الزوجة لزوجها، وأنه لا حرج عليها في ذلك، واستدلوا: أولاً: بعموم الآية الكريمة التي وردت في أصناف الزكاة.

وثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ زينب امرأة عبد الله بن مسعود حينما استأذنته أن تنفق صدقتها على عبد الله وأولاده، فأخبرها أنها إذا تصدّقت على زوجها وأولاده أنها تكون حائزة لأجرين: الصدقة، وصلة الرحم، قالوا: فهذا يدل على أنه يجوز لها أن تدفع زكاتها إلى زوجها.

والذين منعوا استدلوا: بأن الزوج ينفق على زوجته، وإذا كان الزوج ينفق على زوجته، فكأنها إذا أعطته الزكاة فهي مستفيدة من المال لا شك؛ لأن الزوج إنما يفتقر من أجل الإنفاق على نفسه وعلى من يعول، وزوجته ممن يعول، فكأنها إذا أعطته الزكاة أعطته لنفسها، فقال بعض العلماء: إنه لا يجوز إعطاء الزكاة لأجل هذه العلّة؛ لأن الزوج ينفق على زوجته من هذا الوجه.

والذي يظهر والله أعلم أنه يجوز صرف زكاتها إلى زوجها: أولاً: لعموم آية الزكاة.

وثانياً: أن هناك ما يدل على جواز الصرف عند اختلاف اليد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما غلا القدر بلحمٍ أُعطي لـ بريرة صدقة، وأراد أن يأكل منه قالت عائشة: إنه صدقة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية)، فأخبر باختلاف اليد.

فعلى هذا فلها أن تعطيه الزكاة، ثم إذا أنفق عليها ينفق كان ذلك بسبب شرعي وهو الاستمتاع، قال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء:٢٤]، فاختلفت اليد، والقاعدة: أنه إذا اختلفت اليد اختلف الحكم باختلاف اليد، وعلى هذا فإنه إنما يستقيم أن لو كان ينفق عليها بدون موجب، وعليه فإنه يجوز صرف الزكاة من الزوجة لزوجها.

وأجابوا عن الوالد مع ولده بأن الاستحقاق وإن كان مختلفاً فورود السنة بالنصية على أنه مالٌ للأب ومالٌ للفرع، يدل على أنهما كالشيء الواحد، ولو أخذه باستحقاق، ففُرِّق بين الوالدين وبين الزوجين من هذا الوجه، فيجوز صرف الزكاة من الزوجة لزوجها ومن الزوج لزوجته، قالوا: ولا حرج في ذلك، وحينئذٍ إذا صرفت زكاتها لزوجها يشترط أن لا تحابيه في قدر الزكاة الذي تعطيه له، فإذا كان يستحق ثلاثة آلاف لم يجز أن تزيد عليها، فإن زادت رجعت الزيادة نافلة، فلو كانت زكاتها أربعة آلاف ريال وزوجها يستحق الألفين فأعطته أربعة آلاف، فألفان زكاة وألفان صدقة، ويجب عليها أن تقضي الألفين؛ لأنه لا يستحق أن تُصرف إليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>