قال المصنف رحمه الله:[وتحرم الخيلاء في ثوبٍ وغيره].
لما ثبت من حديث أبي ذر في الصحيحين: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب).
وجاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء)، قالوا: نهى عن الإسبال وتَوَعَد بسببه بهذا الوعيد لما فيه من الخيلاء والتبختر، والحديث الثاني في قوله صلى الله عليه وسلم:(لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء) يؤكد هذا المعنى، وكذلك ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد إعطاء سيفه في غزوة أحد قال:(من يأخذه بحقه؟ فقالوا: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن يضرب به العدو فتقاعس القوم، فخرج أبو دجانة رضي الله عنه وأرضاه، وعصب عصابته الحمراء وأخذ السيف وتبختر في مشيته، فأخذ يختال بين الصفين، فقال عليه الصلاة والسلام: إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع).
فالخيلاء والتبختر في المشي منهيٌ عنه، واعتبر العلماء رحمهم الله أن من تبختر واختال في مشيته أنه من أهل الكبائر، أي: أنه فاسق بهذه المشية، ولو مرةً واحدة، فلو أن أحداً اختال في مشيته، أو جر ثوبه خيلاء فإنه يعتبر متوعَّداً بهذا الوعيد، إلا أن يتوب فيتوب الله عليه.
فالخيلاء لا يجوز، لا في المشي ولا في الثوب، والخيلاء في الثوب تكون بجره وإسباله، وكذلك ربما تكون في صورة المشية، كأن ترى الإنسان يختال اختيال العظيم، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(بينما رجل ممن كان قبلكم عليه بردان له يتبختر فيهما، إذ نظر إلى عطفيه فأعجب بنفسه، فخسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة).
فهذا يدل على أنه لا يجوز لمسلم أن يختال، أو أن يكون من أهل الخيلاء، بل ينبغي عليه التواضع والذلة لله عز وجل.