ظاهر النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دعاء الاستفتاح مشروعٌ في الصلوات كلها، نافلةً كانت أو فريضة، والمالكية يفرقون بين النفل والفرض كما قدمنا، والصحيح أنه سنةٌ مطلقة.
واختلف في صلاة الجنائز: هل يستفتح المصلي إذا صلى صلاة الجنازة؟ فللعلماء في هذه المسألة قولان مشهوران: القول الأول: صلاة الجنازة لا يشرع لها دعاء الاستفتاح، وإنما تكبر وتبتدئ بقراءة الفاتحة، وذلك لثبوت السنة من حديث أبي أمامة، وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عن الجميع في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام على الجنائز، فذكرا أنه استفتح بالفاتحة، وأنه لم يقرأ غير الفاتحة، ولم يفصل بين الفاتحة والتكبير بدعاء.
القول الثاني: يُسنّ أن يقرأ دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة في التكبيرة الأولى، وهذا هو مذهب الحنفية رحمة الله عليهم، وأخذوا بعموم الأحاديث.
والذي جعل الحنفية رحمة الله عليهم يذهبون إلى هذا هو أنهم لا يرون في الصلاة على الجنائز قراءة الفاتحة، وإنما يرون أنها دعاء، ولذلك قالوا بمشروعية هذا الدعاء؛ لأنه داخل في جنس ما قرروه من أن صلاة الجنازة تقوم على الدعاء والشفاعة للميت.
والذي يترجح والعلم عند الله القول بعدم مشروعية دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة؛ لأن العموم الوارد هنا مخصص هناك، فإن حديثي ابن عباس وأبي أمامة في السنن رضي الله عن الجميع يدلان دلالة واضحةً على أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتصار على الفاتحة في التكبيرة الأولى.