[الفرق بين سرقة الثمار من النخل وبين السرقة من مكان مسور]
السؤال
أشكل علي أنه لا قطع على من سرق من النخل، وبين من سرق من مكان مسور لا يدخله أحد إلا بإذن صاحبه، مثل مزارع النخيل؟
الجواب
الحرز لا بد من اعتباره في السرقة، والنبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الثمرة على النخلة، وبين الثمرة في حرزها، فقال:(لا قطع في ثمر ولا كثر)، والحديث في السنن عند أبي داود، وابن ماجة، والترمذي، وأحمد في مسنده، والنسائي، وهو حديث صحيح، فبين أنه لا قطع فيها، وروى النسائي -وهو حديث صحيح أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فإن أخذ بفيه -أكل- من غير خبنة، ولم يحمل شيئاً فلا قطع، فإن أخذ -من الثمر- وخرج به -من البستان- قبل أن يؤويه الجرين فعليه العقوبة، وضعف القيمة ... ) يعني: يعاقب بأن يدفع قيمة الثمر مرتين، ويعاقب بالتعزير كما تقدم معنا ما كان دون الحد، (ومن أخذ بعد أن يؤويه الجرين ما قيمته ثمن المجن قطع)، ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الحرز، ولم يجعل الثمرة على النخل حرزاً، ومن هنا لو قص العرجون من فوق النخلة، ولوكان يساوي ربع الدينار فإنه لا قطع عليه؛ لأنه لم يحصل الشرط وهو الدخول والأخذ من الحرز.
وأما مسألة البساتين نفسها إذا كانت محاطة، فإن هذا السياج ليس وحده هو الحرز؛ لأن السنة بينت أنه يشترط في الثمر أن يؤويه الجرين؛ لأن البساتين مثل المساجد، ومثل الأماكن العامة، يدخلها الناس، فمنهم من يدخل بإذنه، ومنهم من لا يدخل بإذنه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من مر ببستان فدخله فأكل منه غير متأثل -يعني: غير متمون- وأكل على قدر كفايته فإنه ليس بسارق، وهذا مما أذن به، ولذلك الخارص إذا خرص النخلة أسقط منها هذه الأشياء المأخوذة، ولا زكاة فيها، فالشريعة فرقت بين الأخذ من البساتين من ثمارها ومما فيها من النتاج مادام أنه لم يؤوه الحرز والجرين كما في الثمر، وبين الذي قد آواه الجرين، فما كان داخل الحرز وأخذ من حرزه ففيه القطع، وهذا تفريق السنة، وليس تفريقنا نحن, فليس بمحل إشكال.
وكونك تقول: لو جاء وأخذ من المستودعات المحاطة بأسورة أنه تقطع يده، فهناك فرق، فالمستودعات المعدة للحفظ أسورتها حرز لها، إذا وضعت عليها أسورة تتناسب مع المال المحفوظ، وكانت في موضع وعليها حراسها، ومن هنا: يكون الشيء الموضوع وفي الحرز، والعين الحافظة، فإذا جاء وتغفل الحافظ وسرق المال، فإنه قد سرق من حرز، بخلاف الثمر الذي على النخل، وهذا كله بتفريق الشرع، وهذا مال حرزه أن يؤوى إلى الجرين وهو الثمر، وهذا مال حرزه أن يكون محفوظاً داخل هذه الأسورة، أو داخل هذا الحائط، ونحو ذلك، وعلى هذا لا إشكال، كل مال يعتبر فيه الحرز بحسبه، والله تعالى أعلم.