فرشد الدين: هو الإيمان، والذي يكون منه صلاح الإنسان واستقامته، كما قال الله تعالى:{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}[البقرة:٢٥٦]، وسمي الرشد رشداً؛ لأن الإنسان يصيبه فيه القوام والسداد في أموره المتعلقة بدينه.
وأما رشد الدنيا: فهذا يكون في مصالح الدنيا، ويضبطه العلماء رحمهم الله بوصفين فيقولون: الرشيد في الدنيا، هو الذي يحسن الأخذ لنفسه، والإعطاء لغيره، فإذا أراد أن يبيع شيئاً باعه بقيمته، فلا يغش ولا يضحك على أحد، فلو أراد أن يبيع بيتاً أحسن الإعطاء لغيره، فالبيت قيمته مثلاً مليون، فيبيعه بالمليون وزيادة، فهذا رشيد، لكن إذا كانت قيمته مليون، فيبيعه بثمانمائة ألف، فهذا غير رشيد؛ بل سفيه، ولا يحسن أن يولى السفيه النظر في المصالح المتعلقة بالأموال؛ لأنه محجور عليه في تصرفه في ماله، فمن باب أولى أن لا يلي مال غيره، كما قال تعالى:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}[النساء:٥].
وقد أشار الله عز وجل إلى رشد الدنيا في الأموال بقوله سبحانه:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}[النساء:٦] أي: وجدتم فيهم الرشد؛ لكونهم يحسنون الأخذ لأنفسهم والإعطاء لغيرهم.
فلا يجوز للمسلم أن يولي على أمواله من بعده من لا يحسن النظر فيها، فلو ولى سفيهاً أو طائشاً أو أحمق لا يحسن الأخذ لنفسه، ولا الإعطاء لغيره، فقد ضيع الأمانة، وضيع حقوق ورثته من بعده، والغالب من مثل هذا أن لا تتحقق به مصالح الوصية، ولا تندرئ به مفاسدها، بل تزداد المفاسد أكثر مما هي عليه.
فبين رحمه الله أنه يشترط في الشخص الذي يولى في الوصية أن يكون رشيداً، وهذا من التصرفات المالية.