للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم انتفاع المغصوب منه بالمغصوب دون علمه]

وقوله: [وإن أطعمه لمالكه أو رهنه].

يبقى

السؤال

لو أن هذه العين المغصوبة أطعمها لمالكها، فالذي أكل الطعام هو الشخص الذي يملك الطعام؟ شخص اغتصب صاعاً من الأرز، ثم دعا صاحب الصاع عنده إلى وليمة وأطعمه إياه مرة أو مرتين أو ثلاثاً، ثم قال له: يا أخي! قد ظلمتني في الأرز، قال: الأرز قد أكلته.

فما الحكم؟

الجواب

أنه إذا كان لا يعلم، فلا يزال الصاع في ضمان الغاصب ولو أكله المغصوب منه، والسبب في هذا: أن يد الغاصب -وهي يد الضمان- لم تسقط؛ لأنه لم يعلم المغصوب منه أن هذا الذي يطعمه من ماله، وإنما دخل في ضيافة، ويظن أن هذا استحقاق، فهو يأكل بحق منفصل عن حقه الذي هو واجب على الغاصب، ولذلك كونه أكل فهذا لا يؤثر، ويبقى استحقاقه للعين المغصوبة، ويجب على الغاصب أن يضمن له المثل إذا أطعمه للمغصوب منه.

وقوله: (أو رهنه).

إذا رهنه لمالكه ولم يعلم المالك أن هذا المال الذي رهنه هو نفس ماله فإنه لا يبرأ؛ لأن الرهن ينتقل إلى عند المرتهن وبينا في أحكام الرهن، أنه يكون الانتقال بالقبض، ويصبح الرهن لازماً بالقبض وفصلنا في هذه المسألة، وبناء على ذلك: إذا أقبض المالك رهنه، فمثلاً: لو أن شخصاً اغتصب من شخص سيارة، ثم استدان منه عشرة آلاف ريال وجعل السيارة عنده رهناً، فإن هذا لا يوجب أن تزول يد الغصب وتبقى السيارة مضمونة عند الغاصب إذا لم يعلم المغصوب منه، أما إذا علم فهذا شيء آخر.

وقوله: (أو أودعه).

جعله وديعة عنده.

وقوله: (أو آجره إياه).

أخذ منه السيارة واستأجرها للركوب، فركبها وسافر بها.

وقوله: (لم يبرأ إلا أن يعلم).

لم يبرأ الغاصب إلا أن يعلم المالك أن هذه السيارة هي سيارته، ويعلم المالك أن هذا الطعام هو طعامه، فإذا علم المالك أن هذا الطعام الذي يأكله هو طعامه، فحينئذ يكون قد أخذ حقه، وإذا علم أن هذه السيارة هي سيارته، فحينئذ تبرأ ذمة الغاصب في ضمان إجارتها المدة التي كانت عند المالك، وتكون يده حينئذ على العين المغصوبة، فإذا ردها للغاصب يكون هو المفرط وعلى هذا تبقى يد الغاصب على العين المغصوبة.

وقوله: (ويبرأ بإعارته).

لأن الإعارة تستلزم الضمان، فتنتقل يد الغاصب، وتنتقل العين المعارة من ضمان الغاصب إلى ضمان المغصوب منه، وإذا انتقلت العين المغصوبة إلى ضمان المالك، حينئذ فاتت يد الغصب وأصبحت في ملك صاحبها، ولا يضمن الغاصب في هذه الحالة؛ لأنه لا يمكن أن نجمع بين يدين متضادتين في الغصب، فنقول: تكون العين المغصوبة المعارة في ضمان الغاصب، وفي ضمان المالك.

لا يمكن هذا؛ لأنها بالعارية تكون في ضمان المستعير، فالمغصوب منه -مالك السيارة- حينما يأخذها عارية سواء علم أو لم يعلم يكون ذلك موجباً انتقال الضمان إليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>