للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحكام جناية الرقيق]

قال رحمه الله: [وإن جنى رقيق خطأ أو عمداً لا قود فيه، أو فيه قود واختير فيه المال، أو أتلف مالاً بغير إذن سيده: تعلق ذلك برقبته، فيخير سيده بين أن يفديه بعشر جنايته، أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه، أو يبيعه ويدفع ثمنه].

قوله رحمه الله: [وإن جنى رقيق خطأ أو عمداً لا قود فيه].

الرقيق جنايته في رقبته، وبناء على ذلك بين المصنف رحمه الله في هذه المسألة أنه إذا كانت جنايته قدرت نقول لسيده: إن شئت ادفع قيمة هذه الجناية، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) فكما أنه يأخذ نفعه يتحمل ضرره، ونقول له: إن شئت أن تدفع هذه الجناية وإلا كانت الجناية في رقبة المملوك، وإذا كانت في رقبة المملوك فرضنا أن هذه الجناية تعادل قيمته، أو أكثر من قيمته، فحينئذٍ قال السيد: أنا لا أدفع! ولا أريد أن أدفع وهذا العبد عندكم، يرد

السؤال

لو قال المجني عليه: لا أريد العبد، أنا أريد ثمن الجناية التي جنى عليّ.

مثلاً: الجناية بخمسين ألفاً، والعبد قيمته خمسون ألفاً، فحينئذٍ لابد من بيع العبد، فمن الذي يتولى البيع ويتحمل تكاليف البيع وعبء البيع؟ وجهان للعلماء في ذلك، وهما روايتان عن الإمام أحمد رحمة الله عليه: هل يتولى السيد أو يتولى ذلك المجني عليه؟ والأقوى في الحقيقة أنه يتولاه سيده؛ لأنه استحقاق وهذا عبده، فيسلم للمجني عليه حقه.

قال: [أو فيه قود واختير فيه المال].

يعني: شيء يثبت في عوض ماله، وإذا قلت: يثبت في عوض ماله إما أن يجني جناية قطعاً فعوضها بالمال وفيها الدية وأرش الجناية، وإما أن يجني جناية عمد ويعفو من جني عليه ثم يطالب بالمال.

قال: [أو أتلف مالاً بغير إذن سيده].

مثلاً: دخل مزرعة شخص وأتلف شجرة، أو أحرق سيارة، أو هدم داراً، أو قتل حيواناً، وهذا الحيوان مملوك، فهذه كلها أموال اعتدى عليها، ولكن هذا الاعتداء من العبد لم يكن بإذن من سيده؛ لأنه لو أذن له سيده ففي هذه الحالة يضمن السيد؛ لأن العبد في الأصل مطيع لسيده، وربما كان يظن أن سيده عنده شبهة، فلذلك يتحمل السيد ضمان هذه الأشياء؛ لأن فيها نوعاً من الإكراه، والعبد لا يستطيع أن يخرج عن إذن سيده في الغالب، ومن هنا يضمن السيد إذا قهره على ذلك وأمره به وألزمه به.

لكن إذا فعل العبد من تلقاء نفسه هذه الجنايات وأتلف للناس أموالهم، فإنه حينئذٍ يجب الضمان على ما ذكرناه.

قال: [تعلق ذلك برقبته].

نقول لسيده: إن شئت أن تدفع وإلا قمت ببيع العبد؛ على القول أنه يتولى بيعه، وإلا أخذناه؛ على القول الثاني أنه يأخذه ولي المجني عليه ويبيعه.

قال: [ويخير سيده بين أن يفديه بأرش جنايته].

(يفديه): يخلصه، يقول سيده: كم أتلف؟ قالوا: أتلف خمسة آلاف، فيفديه بدفع الخمسة آلاف ويخلصه.

قال: [أو يسلمه إلى ولي الجناية].

أو يعطيه ولي الجناية ويقول له: دونك العبد، وهذا على ما ذكرنا أن الذي يبيعه هو ولي الجناية، لكن لو امتنع ولي الجناية وقال: أنا لا أريد إلا حقي؛ لأن بيع العبد قد يتأخر، ولأن فيه كلفة ودفع مال للبائع، وأجرة من يتولى بيعه، فهذا كله فيه ضرر على المجني عليه، يعني: ينقص من قيمة العبد.

قال: [فيملكه أو يبيعه ويدفع ثمنه].

لو كانت الجناية قيمتها خمسين، والعبد قيمته خمسون، فقال: رأس برأس! نقول لسيده: هل تدفع؟ فإذا قال: لن أدفع، قلنا: هذا العبد قيمته خمسون والجناية قيمتها خمسون، إذاً: الجناية متعلقة برقبته، فنقول للمجني عليه: ما رأيك؟ فإذا قال: أنا آخذه بقيمته، فحينئذٍ لا إشكال.

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يجعل ما تعلمناه وعلمناه خالصاً لوجهه الكريم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>