فلو كان حجه نافلة ألزم بالقضاء، وكذا إن كان فريضة من باب أولى.
وقوله:(ويقضي) أي: يلزمه أن يقضي هذا الحج؛ لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة:١٩٦]، فلما أحرم بالحج -ولو كان نافلة- لزمه الإتمام، وحيث لم يحج ولم يؤد الحج كما فرض الله عليه؛ لزمه أن يقضيه من عامه القادم إذا تيسر له الحج من العام القادم، وأما إذا لم يتيسر له أن يحج في العام الذي يلي العام الذي فاته فيه الحج وحبس عن البيت لمرض أو عذر، ثم حج بعد عام ثانٍ أو ثالث أو رابع؛ فإنها تجزيه حجته عن تلك التي حبس عنها؛ فيستوي أن يحج في العام الذي يليه أو في العام الذي بعده على الفور، ولا يجوز له أن يؤخر إلا أن يكون عنده عذر.
قال المصنف رحمه الله:[ويهدي؛ إن لم يكن اشترط].
قوله:(ويهدي) أي: إلى البيت؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر هباراً أن يهدي.
وقوله:(إن لم يكن اشترط) أي: إذا كان اشترط عند إحرامه أن محله حيث حبسه الحابس؛ فإنه يسقط عنه القضاء والدم، وهذا قول لبعض العلماء رحمهم الله: أن الاشتراط يسري على مثل هذه الحالة.
والقول الآخر: بأن الاشتراط يتقيد بالصورة الواردة في حديث ضباعة رضي الله عنها، وهي المرض؛ فإن كان الإنسان مريضاً واشترط ذلك صح اشتراطه، وما عداها فإنه يبقى على الأصل، وقد بيّنا هذا القول، وبيّنا من خالفه، ودليل كلٍّ منهما، وبيّنا الراجح في مسألة الاشتراط، وأن الظاهر هو الاكتفاء بالوارد في صورة حديث ضباعة رضي الله عنها وأرضاها.