الوازع الديني له روافد تغذيه، وقد غرسه الله ونماه في نفس المؤمن في كل حد من الحدود التي مضت معنا، بل في كل حرمة من حرمات الله عز وجل، لن تقرأ آية في كتاب الله، ولن تسمع بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إلا وجدت إشارة تحكي ذلك المعنى الخفي العظيم.
لو بدأنا مثلاً بالنصوص في الكتاب والسنة، وكيف حركت في النفوس وازع الدين في اتقاء هذه الجرائم، والبعد عن التلبس بالجريمة، وكيف أن القرآن خاطب بأحسن الخطاب ووجه بأكمل التوجيه ووعظ بأحسن الوعظ:{إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}[النساء:٥٨]، وكيف تمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً، تقيم الإنسان على هذا المنهج الذي ينفر بسببه ويبتعد عما حرم الله.
ميزة هذا الوازع الديني أنه يثمر شيئاً ينتهي إلى شيء، فالوازع الديني يثمر القناعة الذاتية، والقناعة الذاتية تنشأ عنها النفرة، وهي من أعظم الأسباب التي تحول بين العبد وبين حدود الله ومحارمه، فالذي عنده وازع ديني وقويت فيه جذوة الإيمان والدين -ولا يمكن أن تقوى إلا بالإيمان ولا يقوى الإيمان إلا مع قناعة- وصحبه قناعة ذاتية؛ فعندها لا يستطيع أن يصغي بأذنه أو ينظر بعينه أو يمد يداً أو يخطو خطوة إلى شيء حرمه الله عز وجل عليه.
هذه الأمور كلها اجتمعت في عبارات النصوص في الكتاب والسنة، أروع وأجمل وأجل وأكمل ما أنت راءٍ وسامع من خطاب يوجه إلى عبدٍ أو إلى أمة لكي يحال بينه وبين حرمة الله عز وجل.