قال رحمه الله:[الأصل فيها الحل]: قوله رحمه الله: (الأصل فيها الحل) الضمير عائد إلى الأطعمة، أي: حكم الشريعة على الطعام أنه حلال للمسلم، وهذا الأصل دل عليه دليل الكتاب كما قال تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجاثية:١٣]، وهذا التسخير لبني آدم يقتضي الانتفاع، فإن كان الشيء الموجود في السماوات والأرض مطعوماً يطعمه، وإذا كان مشروباً يشربه، وإذا كان من جنس ما يركب يركبه، إذن قوله تعالى:(وَسَخَّرَ لَكُمْ) يقتضي الإباحة والحل، ومن هنا: نص العلماء والأئمة على أن الأصل في الطعام: أنه حلال.
وفائدة هذا: أن الفقيه، وطالب العلم، والمسلم يعلم أن أي طعام الأصل فيه أنه حلال، حتى يدل الدليل الشرعي على عدم جوازه، ومن هنا لو اختلف العلماء رحمهم الله في طعام هل يجوز أكله أو لا يجوز أكله، فإن الذي يقول بجواز الأكل يستدل بالأصل، ويقول: الأصل عندي أن الطعام حلال، ولذلك يجوز لي أن آكله حتى تعطيني دليلاً يدل على أنه لا يجوز لي أن آكل هذا, ومن هنا نجد أن العلماء والأئمة يقولون: إن حفظ الأصول هو الطريق للوصول، ولذلك قالوا: من حرم الأصول حرم الوصول، والمراد بالأصول: أصول الأبواب، وليس أصول الفقه، وإن كانت أصول الفقه مهمة، لكن المقصود أصول الأبواب: أي أنك في كل باب تعرف ما هو حكم الله، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي شرعه في كتابه، وبهدي نبيه صلى الله عليه وسلم على الشيء: هل هو حلال، أو غير حلال؟ فإذا علمت هذه الأصول تسأل عما يستثنى، وعندها تكون قد وصلت إلى خير كثير من العلم.
وقوله:(الحل) أي: الجواز، بدليل الكتاب، ولإجماع العلماء رحمهم الله على أن الأصل في الطعام أنه حلال.