اشتريت محلاً، وكان الاتفاق على أن أدفع نصف ثمنه نقداً، والنصف الآخر على أقساط شهرية، كل شهر خمسة عشر ألفاًً، وبعد أن دفعت عدداً من الأقساط وبقي عليّ مائة وخمسون ألفاً؛ اتفقت أنا والبائع على أن أدفع له باقي المبلغ نقداً، بشرط: أن يجري لي خصماً قدره عشرون ألفاً، أي: أدفع مائة وثلاثين ألفاً فقط، هل هذا جائز أم لا؟ وهل يعتبر بيع دين بحاضر؟ أثابكم الله.
الجواب
هذه المسألة فيها شبهة كبيرة، وهي من مسائل ضع وتعجل، ولها صور بعضها جائز، كما في قضية بني النضير حينما أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة، (وقالوا: يا محمد! أموالنا عند أصحابك، فقال: ضعوا وتعجلوا)، وهذه الصورة المذكورة في السؤال فيها شبهة قوية، ولذلك الأشبه منعها والتورع والابتعاد عنها أي: إذا قال له: بالشرط، يعني: أنا أسددك العشرة الأقساط الباقية نقداً، وتحسب الفائدة المركبة على التأخير وتسقطها وأعطيك نقداً، هذا شبهة الربا فيه قوية، وهو الذي أمنع منه، وأرى عدم جوازه.
وأما إذا كان الإسقاط في أصل المبلغ، مثلاً: شخص استدان منك عشرة آلاف ريال على أساس أن يسددها في محرم، فجاءك ظرف قبل شهر محرم وقلت له: يا فلان! أنا أعطيتك عشرة آلاف ريال وظروفي ميسرة، والآن ضاقت بي الأمور، إن أعطيتني ثمانية آلاف منها؛ سامحتك في الألفين، فهذا جائز وهو إسقاط في أصل المبلغ.
فرق بين مسألتنا إسقاط زيادة مركبة على الأجل وبين الإسقاط بأصل المبلغ الذي هو محض الفضل، ومن حقك أن تتنازل عن المبلغ كاملاً، ومما يفرق بين ما كان الإسقاط فيه متمحضاً لقاء الأجل بالشرط أن يقول مثلاً: والله! لا أسددك إلا لما تسقط عني، أو نفس الشركة تقول: إذا سددت الآن نسقط عنك، هذا كله فيه الشبهة التي ذكرنا، وأما إذا كان إسقاطاً في أصل المبلغ فلا بأس، وأفتى به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس واختاره الأئمة كالإمام ابن قدامة رحمه الله وغيره، فمذهب طائفة من السلف والأئمة رحمهم الله أن الإسقاط في أصل المبلغ لا بأس به، وعليه يحمل حديث:(ضعوا وتعجلوا)، والله تعالى أعلم.