للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ما تنعقد به اليمين]

فيقول المصنف رحمه الله: [كتاب الأيمان].

قال رحمه الله: [واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث هي اليمين بالله] لا تكون اليمين شرعية إلا بما ذكر المصنف رحمه الله: أن تكون باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، على التفصيل الذي سنذكره، فالمصنف رحمه الله بين أن اليمين التي تنعقد وتعتبر يميناً شرعياً هي التي تكون باسم الله عز وجل، أو بصفة من صفاته.

والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وسمع النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- عمر وهو يحلف بأبيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وقال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) قيل: أو للتنويع، وقيل: للعطف، بمعنى: قد كفر وأشرك، كفر نعمة الله، وأشرك مع الله غيره.

قوله: (تجب بها الكفارة) وهي اليمين الشرعية التي تسمى: اليمين المنعقدة؛ لأن هناك يميناً منعقدة ويميناً غير منعقدة، فاليمين المنعقدة لابد من توافر الشروط الشرعية فيها.

قوله: (هي اليمين بالله) أن يقول: والله، وبالله، وأقسم بالله.

أما لو قال: أقسمت.

ولم يقل: بالله.

فهل تكون يميناً؟ قالوا: إنها حلف ويمين.

ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه أنه لما أول الرؤيا (قال: يا رسول الله! أخبرني هل أصبت أو أخطأت؟ قال: أصبت وأخطأت.

قال: أقسم أن تبين لي ما أصبت به وما أخطأت، قال: لا تقسم) فقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقسم) يدل على أنها قسم.

وقال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام:١٠٩] قالوا: إنه إذا قال: أقسمت.

فهو متضمن معنى قوله: أقسمت بالله.

وهذا مثل حذف المعلوم، ولذلك قالوا: إنها تكون يميناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تقسم) وهذا رد له لقسمه.

[أو صفة من صفاته] كأن يقول: والأول، والآخر، والظاهر، والباطن، والسميع، والعليم، وعزة الله، وقدرة الله وعظمة الله، والدليل على ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن النار (تقول النار: قط قط وعزتك).

وكذلك أيضاً في حديث أيوب عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: (اغتسل أيوب فأنزل الله عليه جراداً من ذهب، فجعل يجمع منه في ثوبه، فقال الله تعالى: أولم أكن أغنيتك؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك) فهو أقسم بعزة الله، فدل على أنه يمين شرعي، فيكون بالله وبأسمائه وصفاته.

<<  <  ج:
ص:  >  >>