فيحرص الإنسان على الوصية، ولا يقول: قد أثقل أو أطول عليهم، فقد تكون مقاصد الوصية وكلماتها لها أبلغ الأثر، واختيار العبارات المؤثرة، فإن الورثة ينظرون إلى هذا الكتاب وهذه الوصية أنه بقية مما ترك والدهم، وينظرون إلى كلماته كلمات ميت إلى أحياء، ويحسون وهم يقرءون الوصية أنها من والدهم، وأن والدهم مشفِق في هذه الكلمات، فتقع في نفوسهم موقعاً بليغاً وتؤثر أثراً عظيماً.
فإذا اخترت لها جوامع مقاصد الإسلام العظيمة فقد أعذرت إلى الله عز وجل، وأيضاً حركتهم للخير، فقد تجد الرجل العاقل الحكيم يقول كلمة في وصيته فيفتح بها -بفضل الله- أبواب الخير لذريته، فيقول في وصيته مثلاً: أوصي أولادي بمحبة العلماء والرجوع إلى العلماء، فيمكن أن تكون هذه الوصية سبباً في سعادة ولده في الدنيا والآخرة؛ لأنه لما ربطهم بأهل العلم، ووصاهم بأهل العلم، فقد وصاهم بما فيه صلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم.
وتجد الآخر يقول: أوصيهم بلزوم السنة ومحبتها، واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فيصبح الولد كلما سمع شيئاً فيه سنة وهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على تطبيقه واتباعه ولزومه.
والكلمات الجامعة والوصايا العظيمة المؤثرة البليغة هي التي تصل إلى المراد {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}[النساء:٦٣]، ولذلك فإن الله عز وجل اختار للمواعظ وللوصايا ما يؤثر، وقال في الوصية في الذرية الضعيفة:{فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}[النساء:٩].
ولن يكون القول سديداً إلا إذا وافق الحق، وسُدد صاحبه، فأصبح لسانه يقول ما قال الله، وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، ويوصي بما وصّى به الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، ويقرأ المسلم وصايا السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ويهتدي بهذا الهدي المبارك.