[حكم إعادة المأمومين للصلاة إذا صلى بهم إمام وهو غير طاهر]
السؤال
إمام صلى بالناس وهو على غير طهارة، فهل يلزم المأموم أن يعيد الصلاة، أم تقتصر الإعادة على الإمام فقط؟
الجواب
أصح الأقوال في هذه المسألة مذهب الجمهور، فقول الجمهور رحمهم الله أنه تصح صلاة من وراء الإمام، ويجب على الإمام أن يعيد الصلاة، والدليل على ذلك ما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم)، أي: إن أخطأو ولم يعلموا، وكان الخطأ مؤثراً في الصلاة كشرط الطهارة ولم يعلم من وراء الإمام به فعليه خطؤه ولكم صلاتكم تامة صحيحة، فهذا يدل على أن الإمام إذا صلى ولم يخبر المأمومين، أو إذا صلى ونسيَ أنه محدث ثم بعد الصلاة تذكر فإن صلاة المأمومين صحيحة، ولا تجب عليهم الإعادة.
وذهب بعض العلماء إلى أنه يجب على المأمومين أن يعيدوا، والحقيقة أن القول الذي يقول بعدم الإعادة أقوى من حيث السنة، خاصة أنه ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالناس الفجر، ثم انطلق إلى مزرعته بالجرف -والجرف في غربي المدينة يبعد عن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ما يقارب أربعة أميال، وهو الموضع الذي ينزل فيه الدجال كما في الحديث الصحيح:(أن منزله بسبخة من أرض جرف)، وهي خارج حدود الحرم-، فنزل في مزرعته، فلما جلس على الساقية نظر إلى فخذه فرأى آثار المني، فقال رضي الله عنه وأرضاه: ما أراني إلا أجنبت فصليت وما اغتسلت.
فاحتلم فاستيقظ وهو لا يدري أنه جنب، فصلى ولم يأمر أحداً بإعادة الصلاة، ومعلوم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس مأمورون باتباع سنته وهديه رضي الله عنه وأرضاه، ولذلك القول الصحيح في هذه المسألة أن الإعادة لا تجب على المأمومين.
لكن إذا علم المأموم أن إمامه محدث، أو رأى على إمامه نجاسة فإنه يجب عليه أن يفارقه عند العلم، فإن علم قبل الصلاة فلا يجوز له أن يأتم به، فإن ائتم به بطلت صلاته، وهكذا لو أحدث الإمام أثناء الصلاة وسمع المأموم حدثه، كأن يخرج منه الريح -مثلاً-، فإنه يستخلف مكانه، فإذا لم يستخلف، ينوي المؤتم مفارقته ويتم لنفسه، فلو اقتدى به بعد علمه بحدثه ركناً واحداً بطلت صلاته بالإجماع، كما حكاه غير واحد من أهل العلم رحمة الله عليهم.