قال رحمه الله:[إلا الحمر الإنسية]: الحمر نوعان: الأول: حمر إنسية، أو أهلية: وهي التي تعيش بين الناس، الأسود منها، أو الرمادي، أو الأبيض، أو الأغبر.
الثاني: حمر وحش: وهي التي تعيش في البراري، وهو الأبيض والأسود المخطط، وهو معروف إلى الآن في زماننا، وموجود.
ولكن يقل وجوده في جزيرة العرب؛ لأنه كان يأتي من أفريقيا، كما حدثنا كبار السن، وقل وجوده بسبب عدم وجود الهجرة.
فبالنسبة للحمر الأهلية: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها عام خيبر، ونهى عنها عليه الصلاة والسلام عام الحديبية -كما في بعض الروايات- ونهى عنها في خطبة حجة الوداع، والإجماع قائم -بعد أن وقع بعض الخلاف عن الصحابة- على تحريمها، وقد أمر صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور، كما في حديث أنس، وحديث جابر: نادى مناد: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الأهلية) وهذا يدل على تحريم أكلها.
واختلف العلماء في العلة: فقيل العلة أنها تجول، وتأكل النتن، والقذر في القرى والهجر، وهذه العلة يرتضيها الإمام البخاري، ويقويها حديث الغالب بن أبجر:(إنها جوال القرية): أي تجول في القرى.
وقيل: إنها لا تخمس في الغنائم، وهي علة ضعيفة، وقد تقدم معنا أحكام الخمس.
وقيل: إنه يحتاج إليها للظهر؛ أي: أن يحمل عليها، كما يشهد لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
وقيل-وهي العلة القوية-: كما في حديث أنس رضي الله عنه في الصحيح، ورجحه غير واحد من العلماء أن العلة هي: النجاسة، وذلك لحديث:(وأمر أن تكفأ القدور، وقال: إنها رجس)، والرجس هو: النجس، وهذا يدل على أن تحريم أكل الحيوانات المحرمة يؤدي إلى الحكم بنجاستها، وهذا صحيح، ولذلك حكم بنجاسة الميتة، وهذا الذي أجمع عليه العلماء، وشكك فيه بعض المتأخرين، وقال: لا يعرف دليل على نجاسة الميتة، لكن يقوي القول بنجاستها حديث الحمر؛ ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت الحمر تؤكل، ثم في اليوم الثاني عندما حرِّم أكلها قال:(إنها رجس)، فدل على أنها سلبت ما فيها من الطيب، وأصبحت نجسة، ولا يجوز أكلها من هذا الوجه.