للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم ضرب البهائم في السباق أو الحرث]

السؤال

هل ضرب البهائم للإسراع في السباق أو المضي في الحرث والعمل أمر جائز، أثابكم الله؟

الجواب

باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: ضرب البهيمة لتسرع أجازه جمهور العلماء رحمهم الله، والمنصوص في كتبهم الجواز إذا وجدت حاجة، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما ضرب البهيمة.

وفي حديث جابر في الصحيحين قال: (كنت أسير على جملٍ فأعيى، فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم فنخسه - وفي رواية - فضربه، فسار سيراً حثيثاً) حتى إن جابراً عجز عن أن يكبح جماح البعير، وهذا من معجزاته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فرواية: (فضربه) أشكلت عند العلماء على حيث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب بهيمة ولا ضرب إلا في سبيل الله).

وأجيب برواية: (فنخسه بقضيبٍ)؛ لأنها مفسرة، وراية: (فضربه) مجملة، والقاعدة: أن المجمل محمولٌ على المبين المفسر.

فضرب البهيمة للإسراع يجوز عند الحاجة وبقدر الحاجة؛ بشرط ألا يكون تعذيباً للبهيمة، فأجاز العلماء الضرب لكن شريطة ألا يكون تعذيباً.

لكن إذا أسرعت وجاء يزيد في سرعتها حتى ربما يتسبب بحادث، وفي هذه الحالة لو ضربها عذبها؛ لأن هذه غاية ما في البهيمة، فإذا ضربها ازداد في تعذيبها، وأصبح عندها عذاب السير والضرب، ففي هذه الحالة يمنع، لكن لو كان عنده ظرف يحتاج معه إلى أن يسرع لحاجة، والبهيمة نزلت عليها السكينة فعطلت مصالحه فاحتاج إلى ضربها، فله أن يضرب ولا بأس، لكن يضرب الضرب المشروع دون أن يكون على سبيل التعذيب.

إذاً يفصل: إذا كان قد ضره سير البهيمة، وكانت البهيمة متلكئة وإذا ضربت سارت فهي التي جنت على نفسها، أما إذا كانت تسير سيرها وتقوم بواجبها، وليس عندها تقصير؛ فهذا يكون ضرباً للأذية والإضرار، ولا يجوز تعذيب الحيوان والإضرار به من هذا الوجه.

والعلماء نصوا على جواز ضرب البهائم في الحدود التي يحتاج إليها؛ لأنه قد يتعطل الإنسان عن مصالحه، وقد يحتاج إلى ضرب البهيمة لأنها قد تؤذي وتضر ولا يكبح جماحها إلا بالضرب، فتضرب، وهكذا الآدمي شرع الله الضرب له عقوبة، وشرع الله عز وجل الضرب عقوبة لضياع حقوق الله عز وجل وضياع حقوق الآدمي (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، فإذا أتلفت البهيمة ضربت حتى تكبح جماحها.

وهكذا في بعض الأحيان يهيج بعض الدواب ولا ينتهي كبح جماحها إلا بالضرب، فتضرب، فعلى كل حال يجوز الضرب عند الحاجة، لكن بشرط أن يقدر بقدر هذه الحاجة، وبشريطة ألا يوجد أسلوب بديل يكبح هذا الجماح، أو يحقق المصلحة التي يرجوها الإنسان من ضربه للبهيمة، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>