[اشتراك المكلف مع غير المكلف في الحرابة لا يسقط الحد]
قال رحمه الله:[فمن منهم قتل مكافئاً أو غيره كالولد والعبد والذمي وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر].
قوله:(فمن) من صيغ العموم، والمجرم في جريمة الحرابة يشترط فيه أولاً أن يكون مكلفاً، بالغاً، عاقلاً، فلو كانت جريمة الحرابة من مجنون رفع السلاح، فهذا لا يقام عليه حد الحرابة؛ لأنه مجنون وغير مؤاخذ.
ولو كان صبياً فإنه أيضاً لا يقام عليه حد الحرابة, لكن لو اشترك الصبي مع البالغ، والمجنون مع المكلف العاقل، فهل هذا الاشتراك شبهة يسقط الحد عن الشريك؟ الصحيح أن اشتراك المكلف مع غير المكلف لا يسقط الحد عن المكلف، وأن هذا لو فتح بابه لاستطاع أهل الجرائم أن ينفذوا جرائمهم بواسطة غير المكلفين.
وإن قيل: غير المكلف شبهة؟ نقول: غير المكلف كالآلة، فلو أن مكلفاً أمسك حيةً وأنهشها لشخص فقتلته الحية، لقلنا: إنه قاتل، فهو الذي أغرى الصبي، وهو الذي دفعه وحفزه، وربما هدد الصبي أن يخرج معه، ولربما أغراه، وهكذا بالنسبة لضحكه وعبثه بالمجنون حتى يطيعه.
وقد تقدم معنا في باب القتل أن الاشتراك بين المكلف وغير المكلف لا يسقط الحد عن المكلف، ولذلك فإن الذي عليه العمل أنه لو اشترك الصبيان مع البالغ سقط الحد عن الصبيان، وأدبوا بما يتناسب مع سنهم؛ لأن فيهم المميز وغير المميز، ولا يعني هذا أن نطلقهم هكذا، وإنما ينظر فيهم، فمن كان مميزاً فله حكم، ومن كان غير مميز فله حكم آخر.
وأما بالنسبة للمكلف فإن الحكم أن يقام عليه حد الحرابة، وليس عندنا دليل على إسقاط الحد عنه، فكون شريكه غير مكلف لا تأثير له في مؤاخذة الشرع لهذا النوع من المكلفين.
وعلى هذا: فإنه لو اشترك من يسقط عنه الحد ومن لا يسقط عنه الحد وجب الحد.