وقوله:[وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفاً على أنفسهما قضتاه فقط].
أي: قضتا ذلك اليوم، ولا يلزمهما إطعام.
والحامل والمرضع لا يخلو في فطرهما من ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: أن يكون الخوف على أنفسهما.
الحالة الثانية: أن يكون الخوف على الولد.
الحالة الثالثة: أن يكون الخوف على النفس مع الولد.
فإن كان خوفهما على أنفسهما أو على أنفسهما مع الولد فإنه يباح لهما الفطر والقضاء بدون إطعام، لأن العذر متصل بهما.
وإن خافتا على الولد أفطرتا وقضتا وأطعمتا.
وهذا على ظاهر آية البقرة، فإن ابن عباس -رضي الله عنه- كان يرى أنها باقية في الحامل والمرضع:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:١٨٤] قال: إن المرأة الحامل عليها أن تطعم المسكين، وهذا في حالة ما إذا كانت مفطرة عن نفسها؛ فخالف جمهور العلماء، والجمهور على أنه إذا أفطرت المرأة الحامل والمرضع خوفاً على أنفسهما فإن الواجب عليهما القضاء دون الإطعام كالمسافر والمريض، لأن العذر متصل بهما.
أما إذا خافتا على الولد وحده ولم يكن الخوف على النفس؛ فإنه حينئذٍ يلزمهما الإطعام والقضاء عن ذلك اليوم، قالوا: الإطعام لمكان انفصال العذر، وأما بالنسبة للقضاء فلكون اليوم واجباً عليهما بالأصل.
وقوله:[وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا لكل يوم مسكيناً].
أي: إذا خافتا على الولد.
المرضع في بعض الأحيان تكون صحتها طيبة، وهي قادرة على الصوم؛ ولكنها تخاف أنها إن صامت فلن يجد الولد اللبن ويتضرر بصيامها، فقالوا: حينئذٍ يكون فطرها لعلة منفصلة عنها وهو الولد.
وهكذا بالنسبة للحامل، فإنها تطيق الصوم في نفسها، ولكنها تخشى أن يتضرر الولد، كأن يقول لها الطبيب: إذا صمت في هذا الشهر فإن الولد سيتضرر، فحينئذٍ يكون الخوف على الولد وليس على المرأة الحامل، فيكون العذر في كلتا الصورتين منفصلاً لا متصلاً بالمرأة نفسها.