[ومن زوج ابنته ولو ثيباً بدون مهر مثلها صح] لأن الأب قد يفعل هذا لمصالح، فقد يخشى على ابنته، وقد يخشى أنها لا يأتيها أحد، وقد يريد أن يستعجل في زواجها لمقاصد، وقد يعوضها بالزوج الكريم، فالأب فيه من الشفقة ما يمنع أن يؤذي ابنته، فلا يفعل مثل هذا الإضرار إلا وله مقصد ومصلحة أعظم، ولذلك يقبل من الأب ما لا يقبل من غيره، فقد زوج أبو بكر رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها قبل بلوغها، وهذا يدل على قوة سلطة الأب أكثر من غيره من الأولياء.
[وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح وإن لم تأذن فمهر المثل] إذا زوج غير الأب المرأة بأقل من مهر المثل رجع الأمر إلى المرأة، إن رضيت وأذنت أو أقرت فلا إشكال، أما إن قالت: لا، فإن هذا الولي يصير قد تعدى وقصر في ولايته فلا يصح ذلك؛ لأن هذا يعتبر من الظلم أن يكون مهر مثلها عشرين ألفاً، وفيأتي ويمهرها خمسة آلاف ريال، وهذا مما وقع فيه بعض الصالحين بحسن نية، فيكون أبوه متوفى فيأتي إلى صديق له فيزوجه أخته ويقول: ادفع ألفاً أو ألفين أو ثلاثة آلاف، فلا يجوز ذلك إلا برضا الأخت، فإذا رضيت الأخت وتنازلت عن حقوقها صح، ولا شك أنها مأجورة وهو مأجور، ويفعل هذا من فيه صلاح من باب الخير، لكن ينبغي رد الحقوق إلى أهلها.
فالمهر حق من حقوق المرأة لا يجوز لأحد أن يتدخل في هذا المهر، إلا الأب فله سلطة وولاية، أما غيره فلا، والمرأة هي التي لها الحق في المهر، تقدره بما تراه بشرط أن لا يكون ذلك على طريقة فيها نوع من الأذية للأولياء، كأن تماطل في زواجها وتتخذ من المهر ذريعة للمماطلة، فإذا زوجها وليها بمهر مثلها فحينئذٍ زواجها صحيح ومعتبر.