قال رحمه الله:[أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما]: إذا اتفق الطرفان على أن يشتركا فيما يكتسبانه، يعني: في كل كسب ينشأ من عمل البدن منهما، فخرجت الشركة المال في المفاوضة والعنان بهذا القيد؛ لأنها تقوم على الاشتراك في المال والعمل وليس في العمل المحض.
قال:[يكتسبان بأبدانهما]: يعني: إذا اتفقا على ذلك، وقالا: إننا نتقبل، أو أحدنا يتقبل والآخر يعمل، أو نعمل سوياً، أو نتقبل سوياً ونعمل سوياً، فالأمر في ذلك كله سواء، ويكون حينئذٍ كل واحد منهما قائماً مقام أخيه في هذه الشركة.
فمثلاً: إذا جئت تطلب نجارة طن من الخشب على أن يُصَنَّع أو يُفْعَل فجاء أحدهما واتفق معك والشركة قائمة، فقال: أنا أصنع هذا الطن من الخشب شبابيك أو أبواباً بمائة ألف، على أن يفصل -مثلاً- مائة باب أو مائتي باب، فاتفقتما على تفصيل الخشب أو المادة الخام من الخشب، وتفصل أبواباً أو شبابيك، فإذا أبرم العقد معك ففي الحقيقة يكون قد أبرمه عن نفسه أصالةً وعن شريكه وكالةً، فهو عن نفسه أصيل، وعن شريكه وكيل، فيمكن أن يتقبلا معاً، ويمكن أن يتقبل أحدهما على ذمة الآخر معه، ويستوي الحكم، فإذا جاء الزبون أو العميل لأحدهما واتفق معه فلا نقول: إنه اتفق مع أحدهما، وإنما نقول: ما دامت الشركة قائمة فالاتفاق عليهما والالتزام عليهما معاً، ولو أن المادة الخام من الخشب دخلت ثم حصل ضرر من الشركة يوجب الضمان عليهما معاً على سنن الشركة والأصول التي تقدم بيانها في مسائل ضمان الشريكين.