قال رحمه الله تعالى:[ويصح منه استثناء النصف فأقل من عدد الطلاق والمطلقات].
يقول رحمه الله:(ويصح منه) أي: من المطلق، (استثناء النصف فأقل) وهذا على أصح القولين في المذهب كما ذكرنا، وكما قلنا: يكاد يكون إجماع القائلين بأن الاستثناء يؤثر من عدد الطلاق، وهذا النوع الأول من الاستثناء يكون عددياً، والنوع الثاني: استثناء المطلقات فيقول: نسائي طوالق إلا فلانة وفلانة، فحينئذٍ يكون استثنى نصف نسائه المطلقات، حيث يكون عنده أربع من النسوة فيستثني منهن اثنتين.
وكذلك يستثنى من عدد الطلاق كأن يقول: أنت طالقٌ طلقتين إلا طلقة، أو نسائي طوالق طلقتين إلا طلقة فهذا استثناء للنصف.
قال رحمه الله:(فأقل) والأقل كما ذكرنا أن يقول: أنت طالقٌ ثلاثاً إلا واحدة، هذا في عدد الطلاق، والأقل في المطلقات أن يكون عنده أربع نسوة فيقول: نسائي طوالق إلا فلانة، فواحدةٌ من أربع أقل، أو يقول: نسائي طوالق إلا فلانة وفلانة، فيكون استثنى النصف من عدد المطلقات.
ومفهوم قوله:(استثناء النصف فأقل) الحنابلة رحمهم الله عندهم أنه لا يجوز استثناء الأكثر كما ذكرنا، فلو قال: أنت طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين فإنه لا يصح هذا الاستثناء، والصحيح: صحة استثناء الأكثر وهو مذهب الجمهور، فإن ظاهر القرآن دالٌ عليه، فلما قال رحمه الله:(يصح منه استثناء النصف فأقل)، نفهم أنه إذا استثنى أكثر من النصف فلا يصح هذا على المذهب، ولكن الصحيح ما ذكرنا لقوة الدليل عليه.
قوله:[فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة وقعت واحدة].
وهذا استثناء النصف.
ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين، أصبحت مطلقة طلقة واحدة على القول بأن استثناء الأكثر يؤثر.
فإذا قال: إلا اثنتين إلا واحدة، يكون قوله: إلا واحدة، راجعاً إلى اثنتين، فيكون قد استثنى واحدةً من ثلاث، فاستثنى من الثلاث الأولى طلقتين، ثم استثنى من الطلقتين اللتين استثناهما طلقةً واحدة، فبقيت واحدة، فأصبحت طالقاً طلقتين، فإذا قال: أنت طالقٌ ثلاثاً إلا طلقتين إلا واحدة؛ فإن قوله: إلا طلقتين، يوجب ثبوت الطلقة الواحدة، إذا رجع واستثنى من الاثنتين واحدة صار قد استثنى من الثلاث واحدة، والاستثناء الثاني استثناء من الأول؛ لكن لو أنه جعل الاستثناء على هذا الوجه يكون الاستثناء الثاني راجعاً إلى الاستثناء الأول، وعلى هذا يقول العلماء: إنها تطلق في هذا الوجه طلقتين، ويكون الاستثناء الثاني من الاستثناء الأول.