[فإن أقام أو اتجر بعده أعاده] قوله: (فإن أقام) بمكة (أو اتجر) أي: إذا باع واشترى فإن عليه أن يعيد طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع يشترط فيه أن يخرج مباشرة وقوله:(أو اتجر) فيه تفصيل: التجارة تقع بالبيع والشراء، ومن باع أو اشترى بعد طواف الوداع فله حالتان: الحالة الأولى: أن يقع بيعه وشراؤه على وجه يستعين به على الخروج، كأن يشتري زاداً لراحلته أو يشتري طعاماً لدابته، وفي زماننا لو توقف لوقود السيارة أو تغيير زيت السيارة مثلاً، فهذا التأخر في حكم الخروج؛ لأن المراد به الاستعانة به على الخروج، واغتفر العلماء مثل هذا في الرواحل في القديم، وهو مغتفر في زماننا في السيارات الموجودة ووسائل النقل الموجودة، ولو أراد أن يحجز وحجز لسفر في مركوب أو نحوه وتهيأ للركوب وأخذ يتهيأ له فظل ساعة أو ساعة ونصفاً وهو يتهيأ للسفر والذهاب إلى محطة السفر أو نحو ذلك، فهذا التأخر كله مغتفر إذا كان يسيراً، أما إذا تفاحش فإنه يلزمه الرجوع وإعادة طواف الوداع.
الحالة الثانية: أن يتجر على وجه لا يقصد به الاستعانة على الخروج فإنه يُلْزَمُ بالرجوع لإعادة طواف الوداع، فلو خرج واشترى هدية لأولاده أو لزوجه أو لأقاربه، فإنه يلزمه أن يرجع بعد شرائه ويطوف طواف الوداع مرة ثانية؛ حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف، فإذا كان آخر عهده بالحج التجارة، فإنه يلزمه أن يرجع ويكون آخر عهده بالبيت الطواف، على الصفة الشرعية لمكان التعبد، ولذلك قال المصنف:(فإن أقام أو اتجر أعاده) أي: أعاد طواف الوداع بعد ذلك الفعل، الذي لا يعد من جنس الطواف ولا من جنس الخروج.