[حالات عدم وقوع الطلاق عند تعليقه بالخروج بغير إذن]
قال المصنف رحمه الله:[لا إن أذن فيه كلما شاءت].
أذن لها بعد ذلك، وقال لها: كلما شئت اذهبي إلى الحمام، فهذا ناقض لما قبله، ولاحظ: هناك فرق بين أن يأذن لها مرة وبين أن يقول لها: متى ما شئت فاذهبي، متى ما شئت فزوري والدك، ولا شك أن قوله: إذا ذهبت إلى والدك، إذا زرت والدك فأنت طالق، لا يجوز؛ لأن هذا من العقوق، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من برها لوالديها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما السمع والطاعة بالمعروف، فالمرأة لا تطيع زوجها إذا قال لها: لا تكلمي أباك ولا تكلمي أمك، فلا سمع له -ولا كرامة- ولا طاعة له في هذا، لكن المشكلة إذا علق الطلاق على هذا، ففي هذه الحالة إذا قال لها: إذا ذهبت إلى أبيك، إذا زرت أباك، وقصد ظرفاً معينا في حال الخصومة أو علم أن والدتها تفسدها في هذا الوقت وهذا الظرف، فقال لها: إن خرجت إلى والدتك فأنت طالق، ووقعت بهذا الظرف المعين، فقال: إن شئت، قال لها في الأول: إن ذهبت إلى أمك بغير إذني فأنت طالق، وهو يقصد أنها إذا ذهبت لابد أن يكون معها حتى لا تفسدها أمها وحتى لا تدخل بينه وبينها، فاستأذنت، فقال لها: اذهبي متى شئت، هذا إذن عام، فلو ذهبت المرة الأولى ثم ذهبت بعدها مرة ثانية لم تطلق، بخلاف الذي ذكرناه أولاً، فيما لو أذن لها مرةً واحدة، فبين المصنف -رحمه الله- الفرق بين الإذن العام والإذن الخاص، فإن أذن لها إذنا خاصا، تقيد الحكم به ولا طلاق في ذلك المأذون به، ويقع الطلاق في غيره، فلو استأذنته يوم السبت أن تذهب إلى أمها فأذن لها، ثم خرجت الأحد بدون استئذان، وقع الطلاق في خروجها يوم الأحد، وإن استأذنته يوم الاثنين لخروجها إلى أمها، فقال لها: اذهبي متى شئت، وزوري أمك متى أردت، فإنه حينئذ لا تطلق بزيارتها بعد ذلك؛ لأنه قد أذن لها وارتفع الحلف.
قال المصنف رحمه الله:[أو قال: إلا بإذن زيد، فمات زيد ثم خرجت].
قال: أنت طالق إن خرجت من البيت إلا بإذن زيد، وزيد أخوها مثلاً، زوجها أراد أن يسافر، فقال لها: أنت طالق إن خرجت من البيت إلا بإذن زيد، ففي هذه الحالة، علق الأمر على إذن زيد، فلو مات زيد فما الحكم؟ مثل ما ذكرنا هناك أنه إذا أذن لها إذناً عاماً ارتفع تعليقه، كذلك هنا: إن مات من علق الطلاق على عدم إذنه؛ ارتفع تعليقه في هذه الحالة، وانتهى الأمر، ويرتفع التعليق؛ لأن التعليق مقيد بوجوده فإذا توفي ارتفع بوفاته.