والمضاربة حقيقتها: أن يدفع ربُّ المالِ للعاملِ المالَ على أن يتَّجر به، والربح بينهما على ما شرطا.
ومعنى هذا: أن عندنا في عقد المضاربة رجلين: الرجل الأول: هو ربُّ المال.
والثاني: العاملُ الذي يريد أن يقوم على المال فينميه ويستثمره حتى يحصل الربح والخير للطرفين.
فأما بالنسبة لرب المال، فالمثال أن يكون عندك عشرة آلاف ريال، وأما العامل فهو شخص تأتمنه على مالك، وتثق بخبرته ومعرفته فتعطيه العشرة آلاف، وتقول: يا محمد! هذه عشرة آلاف اضرب بها في الأرض، أي: سافر فيها للتجارة، أو ابحث عن أي مجال بخبرتك ومعرفتك يكون الأصلح لتنمية هذه العشرة آلاف، فيأخذها منك فيذهب ويضعها في أي تجارة يرى أن من المصلحة وضع المال فيها، فلو كانت عنده خبرة في الطعام، فذهب واشترى طعاماً من بلد، وجلب الطعام للبلد الذي هو فيه، أو اشترى طعاماً من بلد فيه كثرة في الطعام والسعر رخيص، وجلبه إلى بلد يقل فيه الطعام، وباع بسعر أعلى، فربح وغَنِم، أو يتاجر في الأراضي، كأن تعطيه -مثلاً- نصف مليون، وتقول له: هذه النصف مليون تاجر بها، فهو عنده خبرة في الأراضي، فلو أخذ النصف مليون واشترى بها أرضاً بوراً أو أرضاً بيضاءَ لعلمه أن هذه الأرض بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة لها سوق، وأنها تغنم، فاشتراها وباعها بأكثر، أو بدل أن يشتري العقار اشترى منافع العقار كأن تقول له: هذه خمسمائة ألف تاجر بها، فنظر أن المصلحة أن يستأجر بها عمائر لإسكان الحجاج -مثلاً- أو المعتمرين أو الزوار، فأخذ الخمسمائة ألف واستأجر بها عشر عمائر أو خمس عمائر واستغلها في إجارتها لمن يستأجرها، فهذا يعود عليه بالنفع، فبعد انتهائه من الإجارة أصبحت مليوناً.