عندما خرج الخوارج عن جماعة المسلمين وإمامهم، وكانت لهم شوكة ومنعة، وحدث فيهم أنهم قتلوا وتعرضوا لحرمات المسلمين، فإن علياً رضي الله عنه استحل قتالهم وأمر بقتالهم؛ من ذلك أنهم قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت ابن الصحابي الجليل، وكان قد ولاه علي على النهروان، فجاءوا إلى عبد الله وسألوه عن رأيه في الشيخين، فأثنى خيراً، ثم سألوه عن رأيه في عثمان، فأثنى خيراً، ثم سألوه عن علي رضي الله عنه فأثنى عليه خيراً.
ففي بعض الروايات أنهم قتلوه بعد ثنائه على علي رضي الله عنه؛ لأنهم يرون أنه كافر، وبعض الروايات أنهم قتلوه حينما مروا على خراج ظاهر النهروان، فوجدوا تمرة لمعاهد، فأراد أحدهم أن يأكلها، فقال قائل: هذه تمرة معاهد، أي: كيف تأكل تمر معاهد، والمعاهد له حرمة، فقال: ويحكم! لدمي أعظم عند الله من هذه التمرة، تتورعون عن تمرة ولا تتورعون عن دمي -نسأل الله السلامة والعافية- فغضبوا عليه وقتلوه، وهذه الرواية لـ ابن أبي شيبة في مصنفه.
فالشاهد من هذا أنهم لما قتلوه آذنهم علي رضي الله عنه بحرب، وخرج لهم رضي الله عنه وأرضاه وقاتلهم، وما زال العلماء وأئمة السلف رحمهم الله على إنكار بدعتهم وخروجهم، وهذا أصل هذا الباب، وكثير من أحكام قتال أهل البغي أخذت من السنة الراشدة عن علي رضي الله عنه وأرضاه، في تعامله معهم وحكمه عليهم.