قال المصنف رحمه الله:[وإن دخلتِ الدار فأنت طالق إن شاء الله، طلقت إن دخلت]: هنا تعليقان: تعليق الطلاق على الدخول، ثم تعليق وقوع الطلاق بالدخول على المشيئة.
لو علق الطلاق على مشيئة مخلوق؛ كأن يقول: أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء فلان؛ ففي هذه الحالة ننتظر أمرين: دخولها الدار، ثم نسأل فلاناً الذي علق الطلاق على مشيئته: هل يشاء أو لا يشاء، إن دخلت دار أبي بدون إذني فأنت طالق إن شاء أبي، من باب أن يعاقبها، إن دخلت على أمي مرة ثانية أو آذيتِ أمي مرة ثانية فأنت طالق إن شاءت أمي، فحينئذٍ لا إشكال فننتظر الأذية وننتظر مشيئة الأم، ولا يمكن أن نحكم بوقوع الطلاق بمجرد وقوع الأذية، فنتقيد بالمشيئة، ولم يذكر المصنف هذه المسألة لظهورها، لكن ذكر التعليق بمشيئة الله عز وجل، فلو قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله، عند من يرى أن (إن شاء الله) مؤثرة، فحينئذٍ لا يقع الطلاق؛ لأنه علقه على مشيئة الله عز وجل، والتعليق بمشيئة الله يسقط الطلاق، وأما على المذهب الذي اختاره المصنف -رحمه الله- وهو مذهب الإمام أحمد في الرواية التي اختارها أكثر من واحد من أصحابه رحمة الله عليهم: أنه إذا علق بالمشيئة فالمشيئة لا تؤثر، وبناءً على ذلك: إن دخلت الدار فإنه يُحكم بطلاقها، وما قال: نكفر كفارة يمين؛ لأن اليمين شيء، والطلاق شيء آخر، حتى ولو قصد منعها، وقد بينا هذه المسألة وذكرنا كلام العلماء -رحمهم الله- فيها وأن جماهير السلف والخلف -رحمهم الله- على أنه إذا علق على الدخول أو الخروج ونحوها من الصفات كما حكاه ابن المنذر وغيره بالإجماع أنه إذا وقع هذا الذي علق الطلاق عليه وقع الطلاق.
فحينئذٍ نحكم بوقوع الطلاق إن دخلت في الدار، ولا ننتظر العلم بمشيئة الله؛ لأن هذا يتعذر، ويحكم بمضي الطلاق ونفوذه.