قال رحمه الله تعالى:[ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه لم يطالب به].
الرجل المعسر الذي ليس عنده مال يسدد به ديونه لا نطالبه أن يسدد؛ لأننا لو حكمنا بمطالبته وبوجوب أن يسدد كلفناه ما لا يطيق وليس عنده مال، كرجل صاحب عائلة أخذ مالاً من صاحب بقالة في إطعام أولاده، وافتقر وأصبح مديوناً لصاحب البقالة بألفٍ -مثلاً- فجاء صاحب البقالة وقال: أعطني مالي.
فقال: ما عندي.
فرفعه إلى القاضي، فنظر القاضي، فإذا به معسر وليس عنده ما يسدد به صاحب الدين، إذا ثبت هذا؛ فإن القاضي يقول لصاحب الدين: أنظر أخاك إلى يسر {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠] فأمرنا الله عز وجل أن ننظر المعسر.
ومن أحب القربات وأعظمها عند الله ثواباً وأحسنها عاقبة ومآلاً، وصاحبه في صلاح حال في دينه ودنياه وآخرته: أن ييسر على المعسر، ويغفر له، فيتجاوز عن دينه أو يخفف عنه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم فضّل هذا العمل وأخبر أن الله عز وجل ييسر على صاحبه فقال:(ومن يسر على معسر؛ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) وقال: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فمثل هذا لا يضغط عليه ولا يطالب بما ليس في يده.
قوله:(وحرم حبسه) لأنه شيء ليس بيده، وهو ليس برجل مماطل عنده قدرة، أما لو كان رجلاً عنده قدرة؛ فإن القاضي يحبسه، ويقول له: سدد الناس، فإن امتنع من السداد باع من ماله ما يسدد به دينه.