قال رحمه الله:[أو إذا جاء غد فطلقها أو وقته بمدة بطل الكل] هذا نكاح المتعة، أن يقول له: أزوجك إلى غدٍ فإن جاء غد فطلقها، أو يقول: أزوجك إلى شهرٍ فإن جاءت نهاية الشهر فطلقها، أو يقول: أزوجك مدة إقامتك معنا فإن رجعت إلى بلدك فطلق ابنتي أو طلق أختي، كل ذلك من نكاح المتعة، فنكاح المتعة هو تحديد النكاح بأمد، وكان مباحاً في أول الإسلام وذلك لوجود الحاجة، فقد تمتع الصحابة رضوان الله عليهم متعة النساء؛ لأنهم كانوا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستضرون بعدم وجود النساء معهم؛ لأنهم كانوا في القتال والجهاد يخافون السبي فإذا غزوا ومعهم النساء وخسروا فإن النساء يؤخذن وهذا معروف في عادة العرب أنهم يخشون من الغزو بالنساء خشية الاسترقاق؛ لأنهم إذا انكسروا وهزموا أُخذ النساء أسارى وحينئذٍ يكن من السبي وتسترق المرأة.
ففي بعض الأحيان -كهذه الحالة- تأتي ظروف لا يستطيع الإنسان أن يسافر بامرأته، كالمرأة الحامل أو نحو ذلك، فأجيز في أول الأمر نكاح المتعة، ثم حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نكاح المتعة، والتحريم ثابت في الأحاديث الصحيحة في عام خيبر، كذلك أيضاً ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع أنه خطب الناس وحرم نكاح المتعة، وقد كانت خطبة حجة الوداع قبل وفاته بزمن يسير، وهذا يدل على أن إباحته من الأمر الأول، ولذلك قال أبو ذر رضي الله عنه وأرضاه كما في الصحيح:(متعتان لا تصلح لنا إلا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: متعة الحج، ومتعة النساء) ومراده بمتعة الحج وجوب فسخ الحج بعمرة، وقد بينا هذا في كتاب مناسك الحج، وأن متعة النساء كان مما اختص به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخت الإباحة.