تجب الطهارة للطواف على أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم، ولذلك منع النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين كما في الصحيحين، لما نفست وحاضت، وقال:(اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت).
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما والذي اختلف في رفعه ووقفه وصح موقوفاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الطواف بالبيت الصلاة)، فقوله:(الطواف بالبيت الصلاة) يدل على أنه آخذ حكم الصلاة، ولذلك لا يطوف وهو متلبسٌ بنجاسة، وكذلك أيضاً يطوف وهو مستقبلٌ للبيت بالصفة التي ذكرناها، فقالوا: إنه يشترط له الطهارة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قالوا فيه: قد صح موقوفاً، وإذا صح موقوفاً، فإن ابن عباس رضي الله عنهما -وناهيك به علماً وفقهاً في الدين- دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)، وهو قول صحابي جليل له مكانته في الفقه، مع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنة في حديث عائشة وذلك يقوي القول القائل بوجوب الوضوء للطواف بالبيت.
ومما يؤكد هذا: أن الطواف بالبيت تتبعه أو يكون بعده صلاة الركعتين، ولا يمكن أن إنساناً يطوف بالبيت وهو محدث، ثم يذهب ويتوضأ من أجل أن يصلي الركعتين، فيفصل بين طوافه وسعيه بهذا الفعل الغريب، ولذلك قالوا: إنه إذا لم تدل الأدلة الصريحة فإن القرائن تقوي القول القائل بأنه لابد من الطهارة للطواف بالبيت والله تعالى أعلم.