فقنوت الفرض مثل الدعاء في النوازل، فالدعاء في النوازل يُقتصر فيه على الوارد مثل قوله صلى الله عليه وسلم:(اللهم إنا نستعينك ونستهديك)، وكذلك قوله:(اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق)، ثم بعد أن تنتهي من هذا التمجيد الوارد في هذين الخبرين تدعو على من ظَلَم من الكفار، وتدعو بالنصرة للمسلمين، وتقتصر على ذلك لا تزيد، فلو دعا بالاستسقاء كان بدعة، ولو دعا بنجاح الطلاب في الاختبار كان بدعة، وهذا مما يحدث الآن، فبعضهم يدعو بنجاح الطلاب في الاختبار، وبعضهم يدعو بعموم الأدعية، وهذا لا يجوز، فالصلاة لا يجوز فيها الكلام إلا بقدر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم:(إن هذه الصلاة لا يصلُح فيها شيء من كلام الناس)، فما ورد في القنوت يُقتَصر عليه، ولذلك قال الإمام أحمد: إن زاد على الوارد حرفاً واحداً فاقطع صلاتك.
يعني أنه قد خرج عن كونه مصلياً.
ولذلك ينبغي على الإمام أن يحتاط لصلاة الناس فيدعو بالوارد، ويدعو بنصرة المؤمنين بجوامع الدعاء، مثل (اللهم انصر المستضعفين) ونحو ذلك من جوامع الدعاء، ولا داعي للإطالة والخروج عن المعهود والتكلُّف، فلذلك يقتصر على جوامع الدعاء، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم يدعو بالنصرة للمسلمين وهلاك على الكافرين، ثم يختم ويسجد.
أما بالنسبة لقنوت النافلة وهو قنوت الوتر فيدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الفضل، لا على سبيل الفرض، فلو دعا بغير هذا الدعاء جاز، ولو زاد على الوارد جاز، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الحسن، والحسن كان صغير السن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان الدعاء لازماً بالقيد لعلمه الصحابة، ولألزم الصحابة بهذا الدعاء في الوتر على سبيل الخصوص، ولأن الوتر رِفقٌ بالناس ليسأل المصلِّي فيه حاجته في ليله فوُسِّعَ على الناس أن يسألوا من حوائج الدنيا والآخرة ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم، والله تعالى أعلم.