إذا ضمن الأبناء دين أبيهم المتوفّى فهل تبرأ ذمته بمجرد ضمانهم، أم بعد سداد الدين، خصوصاً إذا كان الدين على شكل أقساطٍ شهرية تستمر لسنوات، أثابكم الله؟
الجواب
باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام الأتمان على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالدين أمره عظيم، وخطبه جسيم، ولذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم:(نفس المؤمن مرهونة بدينة) وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه أُتِي برجل من الأنصار فقال: أعليه دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: هما عليَّ يا رسول الله! -يعني: الدينارين اللذين كانا على الرجل- فصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، قال: فلما لقيني من الغد، قال: ما فعل الديناران؟ قلت: نعم، قال: الآن بردت جلدته)، فلو قال أولياء الميت: نحن نتكفّل بدين ميتنا، فإنه لا تزال نفسه مرهونة حتى يسدد الدين عنه، ولذلك يقول العلماء: من مات حلّت ديونه، حتى ولو كانت أقساطاً فإنها تحل، وتسدد مباشرة، ما دام أنه ترك سداداً يباع ذلك الشيء ويسدد حتى تبرأ ذمته، ويستريح في قبره، قال بعض العلماء: إنه يرهن، والرهين المحبوس، قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر:٣٨]، أي: مرهونة ومحبوسة، فقوله عليه الصلاة والسلام:(نفس المؤمن مرهونة بدينه)، قالوا: معناه أنه لا ينعم، ويحبس عن النعيم حتى يسدد دينه، وهذا أمر عظيم جداً، فعلى المسلم أن يبادر بسداد الدين، خاصة إذا توفِّي الميت وترك أشياء يمكن سداد دينه منها، كأن تكون هناك سيولة من نقد، بل حتى ولو ترك مزارع أو بيوتاً فتباع، ويسدد دينه، وتبرأ ذمته؛ لأنه بحاجة إلى ذلك، خاصة إذا كان من الوالدين، فعلى الأولاد أن يبادروا بسداد دينهم، وكان بعض العلماء يقول: إن هذا من أعظم البر بعد وفاة الوالد والوالدة، وهو المبادرة بسداد الديون، وهذا أمرٌ عظيم، وينبغي أن يعتنى به، ونسأل الله العظيم أن يسلمنا، ويسلِّم منا، والله تعالى أعلم.