إمامٌ أسر بالقراءة في صلاة جهرية ساهياً هل يفتح عليه من المأمومين، وإذا كان قد شرع في قراءة الفاتحة سراً هل يبني جهراً أم يستأنف من بدايتها، وهل يسجد للسهو؟
الجواب
الجهر بالقراءة فيه وجهان للعلماء رحمهم الله: منهم من يرى وجوبه، ومنهم من يرى سنيته، والذين يقولون بالسنية يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في السرية، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في صلاته الظهر، بأنه كان يسمعهم الآية أحياناً، فقالوا: هذا يدل على أن الجهر سنة، لكن لو حصل من الإمام هذا، فإنه يسبح له وينبه على ذلك بأنه حاصل منه على سبيل السهو لا على سبيل القصد، وما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم كان قصداً، فينبه على ذلك ويسبح له، وإذا لم ينتبه فلا بأس بأن يفتح عليه.
وإذا نبه فإنه يبدأ من الموضع الذي انتهى إليه، كأن يكون قرأ مثلاً آيتين من الفاتحة ثم نبه، فعليه أن يستأنف من الموضع الذي نبه فيه، ولا يرجع إلى الأول؛ لأنه لا يجوز أن يعيد الركن، ولا أن يعيد أجزاء الركن، وقد فعل ما أمر الله به من قراءة الفاتحة ولا تجب عليه قراءة الفاتحة إلا مرة واحدة، ولو قلنا: يرجع من أول الفاتحة فإنه بذلك يكررها، وهكذا لو أنه كان أثناء الفاتحة، فقالوا له: سبحان الله، يقول:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] * {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥]، فيتمها من المكان الذي وصل إليه.
ولو أتم قراءة الفاتحة فإنه يقرأ السورة التي تلي الفاتحة ولا يكرر قراءة الفاتحة، واختلف العلماء: هل إذا كرر المصلي الفاتحة تبطل صلاته أم لا؟ قال بعض العلماء: إذا كرر الفاتحة بطلت صلاته؛ لأن الفاتحة ركن، ومن كرر الفاتحة مرتين كان كمن ركع مرتين، فكما أن تكرير الأركان الفعلية يوجب البطلان، كذلك تكرير الأركان القولية موجبٌ للبطلان.
وعلى الإمام أن يحتاط ويستبرئ لدينه خاصةً إذا كان إماماً، فإنه يحتاط، وأميل إلى أنه يعيد الصلاة وأن تكرار الأركان القولية كتكرار الأركان الفعلية؛ لأن حكمهما في الشرع سواء من حيث الإلزام، فيكون تكرارهما موجباً عند القصد والتعمد لبطلان الصلاة، والله تعالى أعلم.