هل الطائر الذي يتم اصطياده بالرمي بالحجارة حلال، وكذلك الذي يصطاد بإطلاق النار عليه ويموت دون نزول الدم منه هل يجوز أكله؟
الجواب
الذي يرمى بالحجارة، أو بما يسمى في العرف بـ (النبال)، الذي يصيب الطيور ونحوها، هذا فيه تفصيل: إذا كان الحجر قد أصاب الصيد، ولهذا الحجر سن بحيث جرحت الطير وخزقته؛ فإنه يحل أكله، وهذا نادر ويكاد يكون شبه مستحيل في الرمي، لكن في بعض الصور قد يقع.
وأما إذا أصابه بالحجر ومات الصيد بضغط الحجر، سواء رماه بيده أو بالنبال أو بالمعراض؛ فإنه وقيذ، والوقيذ: هو الذي يموت بفعل الرض بالحجر أو نحوه، ولذلك لا يجوز أكله إذا كان وجده ميتاً، والدليل على اشتراط الخزق: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عدي بن حاتم فقال: (يا رسول الله! إني أصيد بهذه البزاة وأصيد بكلبي المعلم وبكلبي غير المعلم ثم ذكر له المعراض، فقال صلى الله عليه وسلم: إن خزق فكل، وما أصاب بعرضه فلا تأكل).
فالمعراض هو السهم الذي يكون بدون سن، ومعلوم أن السهام كانت توضع لها حديدة تسمى: الزج، مثلثة في رأس السهم، وهذه الحديدة المثلثة التي في رأس السهم ذكر العلماء رحمة الله عليهم الحكمة منها -كما ذكر ذلك القلقشندي في كتابه:(صبح الأعشى) والدميري في (نهاية الأرب) - يقولون: إن هذه تعين على عدم تذبذب السهم، فهذه الحديدة في العادة إذا أصابت فريسة فإنها إما أن تقتلها أو تعقرها، ولذلك إذا أصابها السهم ثم نزعته أضر ذلك بالفريسة، ففي بعض الأحيان تكون الحديدة غير موجودة، ويكون السهم غير مزجج -أي: ليس فيه الزج الذي هو من الحديد- فهذا السهم الذي يصيد يصيد بالعرض؛ لأنه إذا أصاب بالخزق يكون مثل الحديدة، فسأل أبو ثعلبة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن صيده بالمعراض، لأن المعراض يأتي ويضرب الفريسة بالعرض، كأن تكون الفريسة طائراً أو نحوه فيترنح السهم فيضرب الفريسة، فمع الخوف وشدة الضربة تسقط الفريسة ميتة، فسأل عن هذا؛ لأنه ليس فيه إنهار للدم ولا خزق للفريسة، فقال صلى الله عليه وسلم:(إن أصاب بعرضه؛ فلا تأكل، وإن خزق فكل) فركب الأمر على وجود الخزق، فالحجر في حكمه، إن أنهر الدم دخل في قوله:(ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه؛ فكل) وإن لم ينهر دماً ولم يخزق؛ فإنه لا يجوز أكله وهو الوقيذ؛ ولذلك قال الله تعالى في المحرمات:{وَالْمَوْقُوذَةُ}[المائدة:٣] فالموقوذة محرمة بإجماع العلماء رحمة الله عليهم، فالطيور التي تصاد بالحجارة دون أن تخزق هذه محرمة ولا يجوز أكلها، وهكذا بالنسبة للطلقات النارية، إن كانت الطلقة لم تخزق؛ فإنه لا يحل أكل الصيد، وأما إذا خزقت ودخلت فيه وأنهرت دمه؛ فإنه صيد حلال، ويجوز أكله، والله تعالى أعلم.