مسأله: إذا غرب سنة كاملة، ينقل من بلد إلى بلد، ومن مدينة إلى أخرى، ولا يبقى في المدينة التي فعل فيها الزنا، وإذا كانت المدينة التي فعل فيها الزنا هي مدينته التي هو فيها، فلا إشكال أنه يغرب عنها إلى أي موضع على مسافة القصر، وإذا غرب هل يحبس أو يترك؟ وجهان للعلماء: جمهور العلماء رحمهم الله أنه يغرب إلى غير مدينته ولا يحبس، بل يترك يقضي مصالحه، ويفعل مصالحه، ويراقب فلا يرجع إلى بلده التي غرب منها، وهذا مذهب الجمهور الذين قالوا بالتغريب.
ومن أهل العلم من قال: إذا غرب فإنه يسجن في مكان تغريبه سنة فيمنع من الناس، خشية أن يفر أو يرجع إلى البلد الذي زنى فيه، والأول أقوى وأظهر.
وقول المصنف رحمه الله:(الحر) أخرج العبد والرقيق، والجمهور على أن الرقيق لا يغرب، وبعض العلماء يقول بالتشطير في الجلد وفي التغريب لقوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء:٢٥]، وستأتي هذه المسألة.
قال المصنف رحمه الله:[ولو امرأة].
سبق أن قلنا: إن المصنف إذا جاء بلفظ (لو) فإنه يشير إلى خلاف مذهبي، وذكرنا أن من العلماء من يقول: إن المرأة لا تغرب، وعلى هذا فإن قوله: ولو، يشير به إلى أن في المسألة خلاف، والذي اختاره جماعة الأصحاب عن الإمام أحمد رحمه الله أن التغريب يشمل الرجال والنساء على حد سواء، لثبوت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.