بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن عقد الإجارة يقوم على أمور لابد من توافرها، فهناك العاقدان: وهما الشخصان فأكثر، اللذان يتفقان على إبرام عقد الإجارة، ولابد في هذين العاقدين -المؤجر والمستأجر- من أن تتوفر فيهما أهلية الإجارة، وذلك بأن يكونا عاقلين، بالغين، مختارين غير مكرهين، حرين، فلا تصح الإجارة استئجاراً ولا تأجيراً من صبي إلا إذا كان مميزاً وأذن له بالتصرف.
فمثال ذلك: لو أراد الصبي أن يؤجر عمارة يملكها إرثاً من والده، فإنه لا تصح إجارته، مع أنه هو المالك الحقيقي لها، ولا يصح له أن يؤجرها إلا بإذن وليه، فإذا أذن له وليه صحت الإجارة، وكذلك لو كان عنده مال فأراد أن يستأجر بذلك المال شيئاً فإنه لا تصح إجارته إلا أن يأذن له وليه.
وإذا كان يشترط في المؤجر أو المستأجر أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا تصح الإجارة من مجنون، وكذلك أيضاً يكون حراً، إلا إذا كان عبداً مأذوناً له بالتصرف.
ومعنى أن يكون كلٌ من المؤجر والمستأجر مختاراً، أي: أنه أقدم على عقد الإجارة باختياره ورضاه، ولم يكن ذلك عن كره، فالإكراه يسقط الاعتبار لعقد الإجارة، فلو أن شخصاً أجبر على تأجير داره أو عمارته أو سيارته فإن العقد لا يصح.
والعلماء رحمهم الله يقولون: يشترط في العاقدين ما يشترط في البائعين، يعني: من أهلية التصرف.
كذلك يشترط ملكية المؤجر للشيء الذي يؤجره، فلا يجوز ولا يصح أن يؤجر الإنسان مال غيره إلا إذا كان وكيلاً عن ذلك الغير، أو ولياً قائماً على شئونه، أو يكون القاضي قد نصبه لرعاية مصالح المالك الحقيقي كما في المحجور عليه هذا بالنسبة للمؤجر والمستأجر.