[استئجار الطبيب للفحص أو العلاج]
قال رحمه الله: [اشترط معرفة ذلك].
مثلاً: الذي استأجر رجل من أجل الدلالة، لا بد وأن يعرف على أي الطرق التي سيسلكها.
في زماننا نفرّع مسائل على هذه الأحكام التي ذكرها المصنف، فمن أشهر ما يوجد الآن مثلاً: الإجارة للعمل الطبي، كطيب للعلاج، فالطبيب إذا أراد أن يعالج وأراد المريض أن يتعاقد معه، فإنه ينبغي أن يحدد العمل الطبي الذي سيقوم به، فإن كان لفحص يقول له: أفحصك وآخذ مائة.
وإذا قال له: أفحصك وآخذ مائة.
فهنا يحدد نوعية الفحص، هل هو لعضو معين، أو هو لاكتشاف مرض معين، أو هو لفحص وقائي، فيحدد العمل الذي سيقوم به.
ولا يجوز أن يقول له: أفحصك فقط؛ لأن الفحص فيه ما يسمى بالفحص الابتدائي، وهناك فحص أعمق كالتحاليل والتصوير بالأشعة والمناظير ونحوها، فلو قال: أفحصك، ربما ظن المريض أنه سيفحصه فحصاً تماماً كاملاً، فيتفق معه ويأخذ الأجرة، ثم يقول: أنا قصدت الفحص المبدئي.
والفحص المبدئي لا يكشف كثيراً من الأمراض، بخلاف الفحص العميق الذي يسمونه بالفحص التكميلي، فيشترط في الفحص أن يحدد نوعية الفحص.
وقد يكون هناك أكثر من وسيلة يفحص بها، فمثلاً: ضُرب على يده فشك أن يده مكسورة أو لا، فقال: أريد أن تفحص لي يدي، فقال له: أصورها لك بالأشعة.
فلا بد أن يحدد الوسيلة، فلا يقل: أفحصها.
ويسكت، وعلى هذا: لا بد وأن يحدد الوسيلة للفحص.
ثم إذا أراد أن يستأجر لغير الفحص، بل للمهمات الطبية، فينبغي أن يحدد هذه المهمة، والحمد لله أن هذا موجود في كثير من المستشفيات، فتجد كل عمل يضعون أمامه الأجرة.
فهذه الأشياء مهمة جداً، وهي تحقق مقصود الشرع من معرفة المستأجر بحقه، ويضمن بها حق المستأجر.
بناءً على ذلك: لا بد من تحديد المهمات الطبية، والأجرة المدفوعة في مقابلها، وإذا حددت المهمة الطبية في بعض الأحيان يكون هناك تحديد على وجه فيه غرر، أي: في بعض الأحيان يكون عندنا تصوير بالأشعة وعندنا كتابة تقرير الصورة، إذا جرى العرف بأن تقرير الصورة تابع للتصوير فحينئذٍ إذا تعاقد معه بمائة عليهما وجب على خبير الأشعة أن يقوم بالتصوير، ثم على الطبيب الذي تعاقد معه أن يقوم بكتابة التقرير من خلال قراءة صورة الأشعة.
وبالنسبة للمهمات الطبية التي فيها أعمال كقيامه بعلاج الجسم، فلا بد وأن يحدد الطبيب ذلك ويبنيه، فمثلاً: إذا كان يريده للجراحة واستئصال اللوزتين، أو مثلاً قطع البواسير، أو استئصال الزائدة، أو نحو ذلك، فلا بد وأن يحدد العمل الجراحي، وفي بعض المستشفيات يقوم الطبيب بشرح العمل الذي سيقوم به للمريض شرحاً تاماً كاملاً، فيقول له مثلاً: آخذ على هذا خمسمائة دولار أو آخذ عليها خمسة آلاف ريال أو نحو ذلك، فيحدد المهمة وما يقوم به وأجرته.
أما أن يكون هناك تعاقد مبهم، ويأتي المريض ويدخل على الطبيب ولا يحدد ما الذي يريده؛ فهذا لا يجوز، بل ينبغي التحديد، حتى الطبيب عندما تدخل المستشفى فلابد أيضاً أن تحدد نوعية الطبيب، هناك طبيب الذي ستكشف عنده، فيختلف الكشف والعلاج عنده عن الذي دونه، فهذا له قيمته وهذا له قيمته، وهذا أكثر ما يقع في المستشفيات التي تكون بالأجرة.
المستشفيات التي تكون بالأجرة، يكون فيها رجل استقبال واستعلام، فعندما تريد أن تفتح ملفاً يقول لك: أحيلك على طبيب أخصائي بسبعين ريالاً.
فلا بد أن يجرب هل هو أخصائي أو استشاري، حتى يكون المريض على معرفة؛ لأنه ربما كان المرض الذي معه قد كشف عليه من قبل من هو بهذه المرتبة، فإذاً: لا بد أن يحدد للمريض من هو الطبيب ونوعيته ونوع العمل الذي سيقوم به حتى يكون على بينة ويكون العقد خالياً من الغرر والجهالة.
وقوله: [وضبطه بما لا يختلف].
وضبط العمل بما لا يختلف، فإذا كان العمل متردداً كما قلنا بين أكثر من شيء، فإنه ينبغي التحديد على وجه يزول به الغرر الذي يخشى وقوعه على المستأجر أو المؤجر.