[عدة الحامل]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: والمعتدات ست].
قوله رحمه الله تعالى: (والمعتدات ست) إجمال قبل البيان، جمع رحمه الله أصناف المعتدات، فالنساء اللاتي تثبت العدة في حقهن ستة أنواع، وقد بينا غير مرة أن من عادة العلماء رحمهم الله أنهم يجملون الأحكام ثم يفصلونها، وبينا محاسن هذا وأنه مقتبس من هدي الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله: [الحامل: وعدتها من موت وغيره إلى وضع كل الحمل].
النوع الأول من المعتدات: الحامل، فإذا كانت المرأة حاملاً؛ فإن عدتها أن تضع حملها كاملاً، وينفصل عنها؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:٤]، فبين سبحانه وتعالى أن عدة المرأة الحامل أن تضع الحمل.
والحمل ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أ، تلقيه المرأة وتخرجه، ولا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن تلقيه وقد اكتمل وتم، والحالة الثانية: أن تلقيه قبل التمام والاكتمال، فإذا أخرجت المرأة حملها ونفست، وانفصل الولد عنها؛ فإنه يحكم بخروجها من عدتها، ولا يشترط انقطاع الدم عنها، فالعبرة بوضع الحمل؛ لقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:٤].
وأما الحالة الثانية: وهي أن تلقي الحمل قبل تمام المدة فلا يخلو إلقاؤها إما أن يكون بعد تخلق الجنين، وإما أن يكون قبل تخلق الجنين، فإن ألقته قبل تخلق الجنين فإنها لا تخرج من عدتها، وأما إذا ألقته بعد التخلق وفيه صورة الآدمي أو الخلقة أو بعد نفخ الروح فيه فإنه يحكم بخروجها من عدتها.
قال رحمه الله: [بما تصير به الأمة أم ولد].
تصير أم ولد إذا ألقت ما فيه صورة الآدمي، وهذه المسألة: إذا ألقت المرأة وأسقطت، تتفرع عليها أحكام في العبادات والمعاملات، فإذا ألقت المرأة ما في بطنها قبل تمامه واكتماله نظرنا فيه، فإن كانت فيه صورة الآدمي وصورة الخلقة فهذا يؤثر في العبادات والمعاملات، ففي العبادات: الدم يعتبر دم نفاس إن جرى منها قبل إلقائه، وفي المعاملات: يحكم بأنها قد خرجت من عدتها، وأما إذا كان الذي ألقته ليس فيه صورة خلقة الآدمي فإنه في هذه الحالة لا يكون الدم دم نفاس، وإنما هو دم استحاضة، فيكون نزيفاً تغسله ثم تتوضأ وتصلي، ولا يمنع صوماً ولا صلاة، وتعتبر في حكم الطاهرات.
إذاً: الإسلاب والإسقاط ينظر به إلى الشيء الذي أسلبته وأسقطته؛ فإن حصلت فيه صورة التخلق وصورة الآدمي ولو كانت ناقصة فإنه تثبت فيه الأحكام في العبادات والمعاملات، وإن كانت ليست موجودة فيه صورة الآدمي فلا تثبت فيه لا العبادات ولا المعاملات، وهذا هو ما عبر به: أن تصير الأمة أم ولد، وحينئذٍ تعتق على سيدها بعد موته.