والعمامة تأتي على صور: - الأولى: العمامة التي لها ذؤابة ومحنَّكة.
- الثانية: العمامة التي لها ذؤابة وغير محنَّكة.
- الثالثة: العمامة التي لا ذؤابة ولا عَذَبَة لها.
هذه ثلاث صور للعمائم.
أما العمامة التي لها ذؤابة ومحنكة فهي موجودة إلى الآن عند بعض المسلمين، تكون غطاءً للرأس يلف بها الساتر على الرأس، ثم تبقى فضلة من الملفوف يؤتى بها من تحت الحنك، حتى إنهم بعض الأحيان كانوا يسافرون في البر على الإبل وربما آذاهم التراب أو الغبار، فترى الرجل يضع ما تحت الحنك من العمامة على أنفه فلا ترى منه إلا عينيه، هذه العمامة هي على أكمل صورتها؛ تكون ساترة للرأس ومحنكةً من تحت الحنك، فالأصل في العمائم أن تكون إما محنكة أو لها عَذَبَة، وقد كانت عمائم المسلمين على هذه الصفة، إما لها عذبة وإما محنكة، ولذلك قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار: إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بيَّنوا سُنَناً للناس تُتَّبَعُ يرضى بها كلُّ من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا فقوله: (إن الذوائب) أي: أهل الذوائب التي كانوا يلبسونها، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عمم عبد الرحمن بن عوف، وأرسل العَذَبة بين كتفيه، وقال:(هكذا فاعتمَّ يا ابن عوف).
فالعمامة تكون لها عذبة، إما محنكة وإما غير محنكة.
وغير المحنكة: هي العذبة المرسلة؛ التي تكون مرسلة إلى الوراء بين الكتفين، أو يرسلها على جهة كتفه الأيمن تفضيلاً للأيمن على الأيسر.
هذا بالنسبة لعمائم المسلمين.
وهناك نوع ثالث من العمائم: وهي العمامة المقطوعة التي لا عذبة لها ولا ذؤابة، وكانوا يُلْبِسُونها أهلَ الذمة؛ لأن أهل الذمة إذا كانوا مع المسلمين فإنهم لا يشابهونهم، وهي سُنَّة عمرية سَنَّها الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه، ولها أصل في السُّنة: أن الكفار إذا دخلوا بلاد المسلمين فإنهم لا يشابهونهم في اللباس، فلذلك كان يلزمهم بعمائم مخصوصة، وشَدِّ الزُّنَّار في وسطهم، حتى يكون علامةً لهم، فإذا ساروا بين المسلمين تكون لهم ذلةً وصغاراً، فيلبسون هذه العمائم تمييزاً لهم، حتى لا يكون لهم فضل المساواة ولا الفضل على المسلمين.
فهذا النوع من العمائم يختص بأهل الذمة، وقد منع المسلمون من لبسه، وشدد العلماء رحمهم الله فيه؛ لأن فيه مشابهةً بأهل الذمة.
ولذلك قال المصنف:[محنكةٍ أو ذات ذؤابة] وتجد كذلك في كتب الفقهاء اشتراط أن تكون العمامة لها عذبة؛ لأن عمامة النبي صلى الله عليه وسلم وعمائم الصحابة -كما هو معروف وسبقت الإشارة إليه- كانت لها عذبة وليست بعمامة مقطوعة، ولذلك قالوا: إذا لبس العمامة فإنه لا بد أن تكون على الصفة الشرعية؛ لأنه إذا لبسها على صفة أهل الذمة فإنه لا يستباح بمثلها الرخصة، خاصةً على مذهب الحنابلة الذين يرون أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه، فهو منهي عن مشابهة أهل الذمة، فلا يمسح على مثل هذا.